[٧٢]
نور فرقاني وضياء
بياني ( فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النّاسَ نَقِيراً )
قوله تعالى في سورة ( النساء ) ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً. أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً. أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النّاسَ نَقِيراً ) (١).
قلت : لعلّ المراد : نفي أن يكون للذين أُوتوا نصيباً من الكتاب نصيب من الملك الحقيقيّ ؛ بدلالة الاستفهام الإنكاريّ ، فمن ليس له نصيب من ملك لا يفيض منه جود ولا وجود بوجه أصلاً. فإذا عجز الإنسان عن نفع نفسِهِ فمن أين يأتي مَن يلوذ به النفع؟ وذلك أن المُلك لله الواحد القهّار ، فلا جود ولا وجود إلّا من لدنه ؛ إذ لا ملك إلّا له. ومن ليس له ملك بوجه وهو في ذاته معدم فقير لا يؤتي النقير. بل المعطي هو المالك حقيقةً وإن كان في صورة الظاهر من ذلك عطاء ، فلا يرد ما أورده النيسابوري (٢) : من أنّا نجدهم يعطون في حال عدم ملكهم ، ومن كان في حال ملكه بخيلاً فهو في حال عدمه أبخل.
هذا إنْ ارجع الضمير المجرور باللام إلى الذين ، أمّا لو رجع إلى ( بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ ) لم يرد الإيراد من أصله ؛ لأنّ الجبت والطاغوت من حيث هما كذلك لم
__________________
(١) النساء : ٥١ ـ ٥٣.
(٢) تفسير غرائب القرآن ٢ : ٤٢٧.