[٨١]
حكمة يمانية : الفرق بين الدعاء والأمر
ممّا يفرّق به بين الدعاء والأمر والنهي أن حقيقة الدعاء طلب الإفاضة بالاستعداد لقبول الفيض ، فهو إذن عين الإفاضة. وحقيقة الاستكمال على قدر استعداد الداعي وتأهّله لظهور فعليّته بالاستفاضة وترقّيه في درجات الوجود والكمال والفعليّة ، وتحقّقه بذكره الأوّل ومناسبته للفواعل مجانسة أو مُناوعة أو مصانفة أو مشابهة ، ودخوله في زمر المدبّرات ، تطيعه الأكوان والقوابل ، وتفيض عليه الفواعل ، وتظهر فيه من قواه ودرجاته ما استجنّ في طباع الأوّل ، والثاني يكون فاعلاً بإذن القيّوم تعالى. وكلّما اشتدّت فعليّته وقابليّته وكانت بالفعل ، اشتدّ طاعةُ مَن دونه له وقبوله منه طوعاً أو كرهاً.
فدعاء كلّ داعٍ لا يتجاوز رتبته الوجوديّة بالفعل ، فإنّه لا يؤثر [ في ] غير قوسي دائرته. فكنه الدعاء محض العبوديّة لله تعالى وفعليّة الامتثال لأمر الإقبال ، فهي فاعليّة بوجه وقابليّة بوجه و ( فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) حتّى ينتهي الأمر إلى مقام العبوديّة المطلقة التي هي محض فيض الجواد بذاته.
فالداعي من حيث إنه قابل آمل خاضع مستكين جامد منزّه مقرّ بتقصيره غير ناظر إلى نفسه ، هو سمعه الذي يسمع به إلى آخره ، حتّى ينتهي إلى رتبة الدعاء اللساني المحض ، فهو أدنى درجات الداعين ، فهو استكمال ما بوجه ، وفيض ما واستفاضة ما بوجه.
أمّا دعاء الناطق للكامل فهو استكمال واستفاضة منه واستشفاع به وتوسّل بوجه ، ويلزمه استكمال المدعوّ له به ، حيث إن مبدأه من الكامل ؛ لأنه مقتبس من