[٩]
فيروزجة بهيّة ( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى )
يخطر بالبال والله العالم بحقيقة الحال في وجه الاستثناء في قوله عزّ اسمه خطاباً لحبيبه المصطفى المصفّى صلىاللهعليهوآله ( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى. إِلّا ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى ) (١) وجهان :
أحدهما : أن تنسى بمعنى تترك ، أي نُوحي إليك فلا تترك شيئاً ممّا اوحي إليك تبليغه إيجاداً أو تكليفاً إلّا وأنت مبلّغه أمراً ونهياً ، فعلاً وتركاً ؛ فلا تترك شيئاً ، ولا تتخلّف عن مشيئة الله بحال إلّا ما شاء الله أن ينسخه ، فيوحي إليك بتركه ، فتتركه بعد الوحي إليك بفعله.
والكلام خبر في معنى النهي ، فعلى هذا يكون معنى الاستثناء إثبات كمال القدرة والحكمة والعلم لله ، وأن حبيبه صلىاللهعليهوآله حكيم لا يفعل إلّا ما أُمر به ، تدور مشيئته على مشيئة الله ، مقدّس عن دعوى الاستقلال بوجه.
الثاني : أن يكون النسيان ضد الذكران ، أي أنّك علمك كلّه من الله بلا واسطة له إلّا ذاتك ، فلا يمكن عليك السهو والنسيان عن شيء ؛ لأنّ من كان علمه كذلك لا يغيب عنه معلومه بحال. فهو برهان على عصمته عن السهو والغلط والنسيان ، ومن عصمهُ الله عن ذلك فهو معصوم عن العمد بطرق أولى.
فمعنى الاستثناء على هذا إثبات كمال القدرة والحكمة والاختيار لله تعالى
__________________
(١) الأعلى : ٦ ـ ٧.