لا يتأخّرون ولا يتقدّمون أقصر وقت ، أو لا يطلبون التأخّر والتقدّم ؛ لشدّة الهول ) (١) ، انتهى.
وفيه أنه حمل على المجازيّة أيضاً مع أنه غير دافع ؛ لأنّ امتناع ترتّب السبق على الحضور من ضروريّ فطر العقول فلا يطلب حينئذٍ بالضرورة.
وقيل : إنّ ( يستقدمون ) معطوف على جملة الشرط والجزاء وهو وجه ، ولكنّه ظاهريّ ، وعليه يكون التقييد بالساعة للتأخّر ، فيطلب له وجه أيضاً.
ويمكن الجواب عن أصل الإشكال بوجوه :
منها : أن الأجل يطلق على معنيين :
أحدهما : مجموع ما بين البداية والنهاية ، فأجل الدين ومدّة الإجارة مثلاً ، وكذا مجموع عمر الإنسان من أوّله إلى آخره مع البداية والنهاية.
والثاني : نفس النهاية فقط ، كأوّل جزء تحلّ فيه المطابقة بالدين المؤجّل مثلاً ، وكآخِر آنٍ من عمر الإنسان ، هذا بالنسبة إلى الزمان ، وفي غيره يراد به : مجموع الرتبة والطبقة أو نهايتها ، وهو طرف الحدّ المشترك بين الدرجتين. ولكلّ كور ودور سكّان ، فلا يستأخر موجود من الخلق عن رتبته ولا يستقدم ؛ زمانيةً كانت أو غيرها.
فعلى الأوّل إذا وصل قوس الوجود إلى رتبة ، أو دور الفلك إلى زمان لا يستأخر أهله عنه ساعة ولا يستقدمون ، بمعنى : أن كلّ موجود له رتبة أو زمان لا يتعدّاه بسبق ولا لحوق ، ( وَما رَبُّكَ بِظَلّامٍ لِلْعَبِيدِ ) (٢) أفاض الوجود على قدر وسع القابليّات وطاقتها فقبلته باختيار رحمة منه تعالى ، فهو مختار ، فليس في صنعة جبر بوجه ولا اعتبار أصلاً.
فلو تعدّى موجود رتبته ، لزم كون أهل الرتبة المعيّنة والزمان المعيّن [ ليسوا (٣) ]
__________________
(١) تفسير البيضاوي ١ : ٣٣٧.
(٢) فصّلت : ٤٦.
(٣) في المخطوط : ( ليس ).