حقيقة شرعيّة. والأصل عدم النقل ، فإذا ورد من الشارع إطلاق الليل من غير قرينة تعيّن أحد المعنيين منه ، ووجب حمله على الحقيقة اللغويّة والعرفيّة ؛ للتبادر وأصالة عدم التجوّز.
وفي المبحوث عنه لم نقف على دليل من الشارع أنه أراد بحكمه أن أوّل وقت نافلة الليل بعد الانتصاف غير المعنى العرفيّ اللغويّ ؛ فيجب حمل إطلاقات الأخبار وفتاوى العصابة عليه ؛ فإنّها دليل على إرادة العرفيّ مع موافقته للّغة ، فيجب حمله عليه.
وأيضاً فحمله عليه أحوط ؛ لحصول اليقين به أنه وقت نافلة الليل دون الثاني ؛ لسبقه عليه بكثير.
وأيضاً فالمتبادر من الأخبار والفتوى أن المراد من نصف الليل الذي هو آخر وقت العشاء هو نصف ما بين الغروب والطلوع ، وهو الذي يدخل بعده وقت نافلة الليل بلا فصل ، مع أن الأصل يقتضي بقاء وقت الأداء حتّى يثبت خروجه.
ولا ينافيه أن آخر وقت نافلة الليل طلوع الفجر الثاني كما هو واضح ، ولا ينافيه أيضاً أن السحر قبيل الصبح كما عبّر به أكثر أهل اللغة (١) ، أو أنه السدس الأخير من الليل كما عبّر به النظام (٢) : في تفسيره ، والزمخشري (٣) : في ( الكشاف ) ، والطبرسيّ : في ( جامع الجوامع ) ، واختاره السيد مهدي :
أمّا على الأوّل فظاهر ؛ لعدم التلازم بين كون السحر قبيل الصبح وبين كون آخر الليل الطلوع.
وأمّا على الثاني فلجواز التجوّز بإطلاق الليل على ما بين الغروب إلى طلوع الفجر ، لشيوع استعمال هذا المجاز.
ولعلّ وجه العلاقة ووجه استعمال الشارع لهما بالمعنيين أن الساعة الفجريّة لمّا
__________________
(١) انظر لسان العرب ٦ : ١٩٠ سحر.
(٢) تفسير غرائب القرآن ٦ : ٢٢١.
(٣) الكشاف ٤ : ٤٣٨.