وأيضاً لا تقبل مادّة الإمكان مثل محمَّد صلىاللهعليهوآله : معه ، بل ذلك مستحيل ذاتيّ ؛ لما يلزمه من تعطيل جود الجواد المطلق بذاته ، أو تركّب ذات الباري عزّ اسمه وتعالى. فإنّا إن فرضنا أن مادّة الإمكان تسع من هو أشرف من محمَّد صلىاللهعليهوآله : لزم الأوّل ؛ لأن المفروض في السؤال عدم وجود من هو أشرف الممكنات وأقربهم إلى الله تعالى ، وهو باب الجود والرحمة العامّة ، وعلّة كلّ موجود ، فإذا عدمت العلّة لم يوجد المعلول ، مع أنه فرض مستحيل بالضرورة ، لضرورة وجود الجود.
وإن منعنا صحّة هذا الفرض واستحالته ، لزم من فرض وجود المماثلة له معه فرض تركّب ذات الواجب عزّ اسمه وتعالى ، لضرورة لزوم تعدّد مبدئهما وجهة صدورهما ؛ إذ لا يمكن صدور شيئين من مبدأ واحد ، من جهة واحدة ، من كلّ وجه ، وقد برهن على هذا في الحكمة (١). فإذا امتنع فرض وجود المماثل امتنع فرض وجود الأشرف بطريق الأولويّة.
وعلى كلّ حال ، [ فمآل ] هذا السؤال إلى أنه هل يصحّ فرض قيام صفات الإمكان والحدوث بذات الواجب أم لا؟ فيلزمه أن السؤال : هل يصحّ فرض إمكان الواجب أم لا؟ وهو ضروري السقوط ، فلا ينافي عموم قدرة الله تعالى على كلّ ما يشاء بالضرورة.
وهذا السؤال الساقط المستحيل الذاتيّ يشبه ما سأل به بعضَ المتشبهين بالطلبة بعضُ الجهال في زماننا ألقاه الشيطان على لسانه ؛ لعدم علمه بجهله ، وصورته : هل يقدر الله تعالى وتقدّس عمّا يصفون أن يخلق له مثلاً أم لا؟ وما درى المسكين الجاهل أن هذا السؤال أشبه بالزندقة من الإيمان ؛ لأنه سؤال صريحه أنه هل يمكن أن يكون الواجب ممكناً مخلوقاً أم لا؟ وهل يمكن أن يكون للواجب مثل أم لا؟ وهو ساقط بالضرورة ، وفيما ذكرناه كفاية لرده.
__________________
(١) انظر في ذلك محصل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ١٥٢.