وتوقّف في استحبابه كما في غير الصلاة (١).
والأجود جوازه واستحبابه ؛ لعموم الأوامر ؛ إذ لا شكّ أنّه مسلّم عليه مع دخوله في العموم ، فيخاطب بالردّ استحباباً إن لم يكن واجباً. وزوال الوجوب الكفائي لا يقدح في بقاء الاستحباب ، كما في غير الصلاة ، فإنّ استحباب ردّ الثاني متحقّق اتّفاقاً إن لم يوصف بالوجوب معلّلاً بالأمر.
ولو اشترطنا في جواز الردّ قصد القرآن ، كما يظهر من الشيخ (٢) ، أو علّلنا جوازه في الصلاة بأنّه قرآن صورةً وإن لم يقصد ، كما ذكره بعض (٣) الأصحاب ، فلا إشكال في جواز ردّ المصلّي بعد سقوط الوجوب.
والمراد من الجواز في العبارة معناه الأعمّ ، وهو الشامل ما عدا الحرام ، فإنّ الردّ على تقدير مشروعيّته واجب لا جائز بالمعنى الأخصّ ؛ لعموم الأمر المقتضي للوجوب ، فلو ترك الردّ أثم.
وهل تبطل الصلاة؟ قيل : نعم ؛ للنهي المقتضي للفساد (٤).
ويضعّف بأنّ النهي عن أمرٍ خارج عن الصلاة ، فلا يؤثّر فيها.
وربما قيل : إنّه إن أتى بشيء من الأذكار في زمان الردّ ، بطلت ؛ لتحقّق النهي عنه (٥).
وهو ممنوع ؛ لأنّ الأمر لا يقتضي النهي عن الأضداد الخاصّة ، بل عن مطلق النقيض ، وهو المنع من الترك ، وقد تقدّم الكلام فيه ، فالمتّجه عدم البطلان مطلقاً.
ولو حيّاه بغير السلام كالصباح والمساء ، ففي جواز ردّه نظر : من الشكّ في كونه تحيّةً شرعاً.
واستقرب الشهيد في البيان الوجوب بلفظ السلام أو الدعاء أو بمثله مع قصد الدعاء (٦).
__________________
(١) الذكرى ٤ : ٢٧.
(٢) كما في الذكرى ٤ : ٢٦ ؛ وانظر : الخلاف ١ : ٣٨٨ ٣٨٩ ، المسألة ١٤١.
(٣) الشهيد في الذكرى ٤ : ٢٦ ؛ والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٣٥٧.
(٤) كما في جامع المقاصد ٢ : ٣٥٧ ؛ وانظر : مختلف الشيعة ٢ : ٢١٩ ، المسألة ١٢٥.
(٥) كما في جامع المقاصد ٢ : ٣٥٧.
(٦) البيان : ١٨٣ ١٨٤.