القصر ، كذا يعتبر في أوّله بمعنى أنّ وجوده شرط في القصر ، بل شرطيّته لا تتمّ حقيقةً إلا في الابتداء ثمّ تستمرّ إلى أن يزول.
وبالجملة ، فالمراد واضح ، وهو : أنّه ما دام الأمران محقّقين فالشرط حاصل ، إلا أنّ تركيب العبارة غير مؤدّ للمقصود ، وكان الوجه أن يقال : وبانتهاء الخفاء ينتهي التقصير ، أو ما يؤدّي هذا المعنى ، والأمر سهل.
(ومنتظر الرفقة) بعد أن سافر (يقصّر مع) بلوغه محلّا يتحقّق معه (الخفاء ، و) مع (الجزم) بمجيئها أو الجزم بالسفر من دونها قبل مضيّ العشرة (أو) مع كون انتظاره بعد (بلوغ المسافة) سواء علّق بعد ذلك سفره الباقي عليها أم لا ، وسواء جزم بمجيئها أم لا (وإلا) يحصل ما ذكرناه بأن انتظرها قبل الخفاء مطلقاً أو بعده قبل بلوغ المسافة ولم يجزم بمجيئها قبل مضيّ عشرة أيّام أو بالسفر من دونها قبلها (أتمّ).
وألحق في الذكرى بالعلم بمجيئها غلبة الظنّ به (١).
وهو حسن ؛ لأنّ المصير في مثل ذلك لا يكاد يستند إلا إلى الظنّ.
ولعلّ تعبير مَنْ عبّر بعلم مجيئها يريد به الترجيح الغالب المستند إلى القرائن ، وهو العلم بالمعنى الأعمّ ؛ إذ لا يمكن فرض العلم الحقيقي بمجيء الغائب المختار ، أو يراد بالعلم العاديّ ، وهو لا ينافي إمكان خلافه بحسب ذاته ، كما حُقّق في الأُصول.
والحاصل : أنّ منتظر الرفقة متى كان في محلّ يسمع فيه أذان بلده أو يرى جداره يتمّ مطلقاً ؛ لعدم شرط القصر ، وبعد تجاوزه يقصّر ، إلا أن يكون قبل بلوغ مسافة ويعلّق سفره عليها ولا يعلم ولا يظنّ مجيئها ، كما مرّ ، فإنّه يُتمّ حينئذٍ ؛ لرجوعه عن الجزم بالسفر إن كان الانتظار طارئاً. ولو كان ذلك في نيّته من أوّل السفر ، بقي على التمام إلى أن يجدّد السفر بعد مجيئها ، وحينئذٍ لا يفتقر إلى بلوغ محلّ الخفاء بالنسبة إلى موضع الانتظار.
وكذا القول فيما لو جدّد نيّة السفر من غير بلده.
وإنّما اعتبرنا مجيئها قبل عشرة أيّام ؛ لأنّه لو علم مجيئها بعدها ، أتمّ مع تعليقه السفر عليها ؛ لأنّ ذلك في قوّة نيّة إقامة العشرة ابتداءً.
__________________
(١) الذكرى ٤ : ٣٠٢.