أمّا الأوّلان : فبالإجماع. ولقوله عليهالسلام : «رفع القلم عن ثلاث» وعدّ الصبي والمجنون (١).
وإنّما وجب القضاء على النائم مع دخوله معهما بنصٍ خاصّ ، وقد عرفته ، فيُحمل رفع القلم عنه على عدم المؤاخذة على تركه.
ويجب تقييده بكون سبب الجنون ليس من فعله ، وإلا وجب عليه القضاء ، كالسكران.
وأمّا سقوطه مع الإغماء : فمستنده مع الشهرة الأخبارُ المتضافرة :
كقول الصادق عليهالسلام حين سأله أبو أيّوب عن الرجل أُغمي عليه أيّاماً لم يصلّ ثمّ أفاق أيصلّي ما فاته؟ قال : «لا شيء عليه» (٢).
وقوله عليهالسلام عنه : «ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر عنه» (٣).
ولأنّ زوال العقل سبب لزوال التكليف ، وليس مستنداً إليه.
وروى «أنّه يقضي آخر أيّام إفاقته إن أفاق نهاراً ، وآخر ليلته إن أفاق ليلاً» (٤) وعمل به بعض (٥) الأصحاب.
ويمكن حمله على الندب توفيقاً بين الأخبار ، ومصيراً إلى المشهور روايةً وفتوى.
وإنّما يسقط عنه القضاء مع تناوله الغذاء مع عدم علمه بكونه موجباً له كما ذكرناه ، أو مع اضطراره إليه أو مع تناوله كرهاً ، وإلا وجب القضاء ؛ لأنّه مسبّب عن فعله.
وأمّا عن الحائض والنفساء : فبالإجماع والأخبار ، وقد تقدّم في بابه.
والظاهر أنّه لا فرق هنا بين كون سببهما من الله أو من قِبَل المرأة ، كما لو تسبّبت بالحيض أو بإسقاط الولد بالدواء.
والفرق بينهما وبين السكران والمغمى عليه أنّ سقوطه عنهما ليس من باب الرخص والتخفيفات حتّى يغلظ عليهما إذا حصل بسببٍ منهما ، إنّما هو عزيمة ، بخلاف الآخَرَيْن. ووجوب قضاء الصوم بأمرٍ جديد.
__________________
(١) سنن أبي داوُد ٤ : ١٣٩ / ٤٤٠١ ، و ١٤١ / ٤٤٠٣ ؛ مسند أحمد ٧ : ١٤٥ ١٤٦ / ٢٤١٧٣.
(٢) الكافي ٣ : ٤١٢ / ٣ ؛ التهذيب ٣ : ٣٠٢ / ٩٢٤ ؛ الإستبصار ١ : ٤٥٧ / ١٧٧١.
(٣) الكافي ٣ : ٤١٣ / ٧ ؛ التهذيب ٣ : ٣٠٢ / ٩٢٣ ؛ الاستبصار ١ : ٤٥٧ / ١٧٧٠.
(٤) المقنع : ١٢٣ ؛ وانظر : التهذيب ٣ : ٣٠٥ / ٩٣٩ ؛ والاستبصار ١ : ٤٥٩ ٤٦٠ / ١٧٨٦.
(٥) هو ابن الجنيد كما في الذكرى ٢ : ٤٢٧.