يقدّم الأكثر فقهاً والأكثر قرآناً وغيرهما ، فكذا الأشدّ عدالةً ، وحيث كانت العدالة معتبرةً في جميع المراتب كانت زيادتها مرجّحةً في الجميع. ولأنّ الإمامة سفارة بين الله تعالى وبين الخلق ، فأولاهم بها أكرمهم على الله ، وكلّما كان الورع أتمّ كان تحقّق العدالة أشدّ.
ووجه عدم اعتبار ذلك : عدم ذكر الأخبار والأصحاب له.
ولو استووا في جميع ذلك أو فيما أمكن منه ، أُقرع بينهم ، كما اختاره المصنّف في غير هذا الكتاب ؛ معلّلاً بالقرعة في الأذان في عهد الصحابة ، فالإمامة أولى (١).
ويمكن تعليله بالأخبار العامّة في القرعة.
وربما قيل بترجّح العربي على العجمي ، والقرشي على باقي العرب ، والمنتسب إلى الأب راجح بعلم أو تقوى أو صلاح ، ومن ثَمَّ يرجّح أولاد المهاجرين على غيرهم بشرف آبائهم. ونفى عنه في الذكرى (٢) البأس.
(ويجوز أن تؤمّ المرأة النساء) في النوافل (٣) التي يجمع فيها إجماعاً ، وفي الفرائض على المشهور ؛ لأنّ النبيّ أمر أُمّ ورقة بنت عبد الله بن الحارث بن نوفل أن تؤمّ أهل دارها ، وكان النبيّ يزورها ، وجَعَل لها مؤذّناً (٤).
وعن الصادق عليهالسلام «لا بأس بإمامة المرأة النساء» (٥).
وروى عليّ بن يقطين عن الكاظم عليهالسلام ، قال : سألته عن المرأة تؤمّ النساء ما حدّ رفع صوتها بالقراءة أو بالتكبير؟ فقال : «بقدر ما تُسمع» (٦).
وذهب جماعة (٧) من الأصحاب منهم المصنّف في المختلف (٨) ـ إلى منع إمامتها في الفريضة ؛ لصحيحة الحلبي عن الصادق عليهالسلام قال : «تؤمّ المرأة النساء في النافلة ، ولا تؤمّهنّ
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٤ : ٣١١ ، المسألة ٥٨٥.
(٢) الذكرى ٤ : ٤٢٠ ٤٢١.
(٣) في الطبعة الحجريّة : النافلة.
(٤) سنن أبي داوُد ١ : ١٦١ ١٦٢ / ٥٩٢.
(٥) التهذيب ٣ : ٣١ / ١١١ ؛ الاستبصار ١ : ٤٢٦ / ١٦٤٤.
(٦) التهذيب ٣ : ٢٦٧ / ٧٦٠.
(٧) منهم : ابن الجنيد كما نقله عنه العلامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ٤٨٦ ، المسألة ٣٤٤ ؛ والسيّد المرتضى كما نقله عنه ابن إدريس في السرائر ١ : ٢٨١ ؛ والجعفي كما نقله عنه الشهيد في الذكرى ٤ : ٣٧٧.
(٨) مختلف الشيعة ٢ : ٤٨٧ ، المسألة ٣٤٤.