فالأوّل أسنّ ، كذا قيّده الشيخ (١) ، وتبعه الجماعة. والخبر مطلق.
فإن تساووا في جميع ذلك (فالأصبح) ذكره أكثر الأصحاب (٢) ، ونقله المرتضى روايةً (٣). وعلّلوه بدلالته على مزيد عناية الله به.
ونفاه المحقّق في المعتبر ؛ إذ لا مدخل له في شرف الرجال (٤).
والمراد به صباحة الوجه ؛ لما ذكر في التعليل من مزيد العناية.
وربّما فُسّر بحسن الذكر بين الناس ؛ لدلالته أيضاً على حسن الحال عند الله تعالى.
وقد روي «أنّ الله إذا أحبّ عبداً جعل له صيتاً حسناً بين الناس» (٥) وفي كلام عليّ «وإنّما يستدلّ على الصالحين بما يُجري الله لهم على ألسن عباده» (٦).
فإن تساووا في جميع ذلك أو اشتركوا في فقد بعضه كالهجرة ، فهل يقدّم الأتقى والأورع؟ قيل (٧) : نعم ، واختاره المصنّف في التذكرة ؛ لأنّه أشرف في الدين وأكرم على الله (٨) ؛ لقوله تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٩) بل قوّى تقديمه على الأشرف ؛ لأنّ شرف الدين خير من شرف الدنيا (١٠). وحينئذٍ يمكن اعتبار ذلك في كلّ مرتبة.
وممّا يرجّح اعتباره في الجملة أنّ الصباحة قدّم بها ؛ لكونها من علاماتها ، فأولى أن يترجّح بذاتها.
والمراد بالأورع الأقوى التزاماً واتّصافاً بصفة الورع ، وهو العفّة وحسن السيرة ، وهو مرتبة وراء العدالة تبعث على ترك المكروهات والتجنّب عن الشبهات والرخص.
ويؤيّد اعتبارها في المراتب أنّ العدالة المعتبرة في الإمام تقبل الشدّة والضعف ، فكما
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٥٧.
(٢) منهم : ابنا بابويه كما في الفقيه ١ : ٢٤٧ ؛ والمقنع : ١١٢ ؛ والشيخ الطوسي في النهاية : ١١١ ؛ والمبسوط ١ : ١٥٧ ؛ وسلار في المراسم : ٨٧ ؛ والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٨١ ؛ وابن حمزة في الوسيلة : ١٠٥.
(٣) جُمل العلم والعمل : ٧٥ ، وكذا نقله عن مصباح السيّد ، المحقّقُ الحلّي في المعتبر ٢ : ٤٤٠.
(٤) المعتبر ٢ : ٤٤٠.
(٥) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.
(٦) نهج البلاغة بشرح محمد عبده : ٦٠٠ من عهده إلى الأشتر النخعي.
(٧) القائل هو الشهيد في الذكرى ٤ : ٤١٩.
(٨) تذكرة الفقهاء ٤ : ٣١٠ ، المسألة ٥٨٥.
(٩) الحجرات (٤٩) : ١٣.
(١٠) تذكرة الفقهاء ٤ : ٣١١ ، المسألة ٥٨٥.