ومَنَع بعض (١) الأصحاب من القراءة مطلقاً ؛ لصحيحة زرارة عن الباقر عليهالسلام «كان أمير المؤمنين يقول : مَنْ قرأ خلف إمام يأتمّ به [فمات] بُعث على غير الفطرة» (٢).
والذي دلّت عليه الأخبار وجُمع به بينها وبين ما خالفها وذهب إليه جماعة من الأصحاب : ترك القراءة مطلقاً إلا الجهريّة إذا لم يسمع ولا همهمة.
وأطبق الجميع على ترك القراءة في الجهريّة مع السماع.
ثمّ اختلفوا ، فذهب بعضهم إلى التحريم ووجوب الإنصات. وآخرون إليه مع استحباب الإنصات ، وهو الأصحّ.
وحيث ساغت القراءة فليقرأ الحمد والسورة في الأُوليين ، ويتخيّر بين الحمد والتسبيح في الأخيرتين.
وعلى القول المشهور من اختصاص القراءة بالجهريّة غير المسموعة ففي القراءة في أخيرتيها ؛ لإطلاق الأمر بالقراءة في الجهريّة إذا لم تُسمع ، أو إلحاقهما بالإخفاتيّة قولان ، أجودهما : الأوّل.
وروى أنّ المأموم يسبّح في الأُوليين أيضاً من غير قراءة (٣).
وهذه المسألة من المشكلات بسبب اختلاف الأخبار وأقوال الأصحاب في الجمع بينها.
وتحرير محلّ الخلاف أنّ الصلاة إمّا جهريّة أو سرّيّة ، وعلى الأوّل إمّا أن يسمع سماعاً ما ، أو لا ، وعلى التقديرات فإمّا أن تكون في الأُوليين أو الأخيرتين ، فالأقسام ستّة ، فابن إدريس وسلار أسقطا القراءة في الجميع (٤) ؛ للخبر المتقدّم (٥) ، لكن ابن إدريس جَعَلها محرّمةً (٦) ؛ لظاهر الخبر ، وسلار جَعَل تركها مستحبّاً ، ثمّ روى وجوبه ، واستثبت الأوّل (٧) ، وباقي الأصحاب على إباحة القراءة في الجملة.
لكن يتوقّف تحقيق الكلام على تفصيل.
__________________
(١) ابن إدريس في السرائر ١ : ٢٨٤.
(٢) الكافي ٣ : ٣٧٧ ٣٧٨ / ٦ ؛ الفقيه ١ : ٢٥٥ / ١١٥٥ ؛ التهذيب ٣ : ٢٦٩ / ٧٧٠ ، وما بين المعقوفين من المصادر.
(٣) التهذيب ٣ : ٣٢ ٣٣ / ١١٦ ؛ الإستبصار ١ : ٤٢٨ / ١٦٥١.
(٤) السرائر ١ : ٢٨٤ ؛ المراسم : ٨٧.
(٥) آنفاً ، وهي صحيحة زرارة عن الإمام الباقر عليهالسلام.
(٦) السرائر ١ : ٢٨٤.
(٧) المراسم : ٨٧.