الأصل ، بخلاف المثبتة ، فإنّ طريقها لا يكون إلا بالاعتبار الموجب له بأحد وجوهه.
وهذا يتمّ مع إطلاق البيّنتين ، أمّا لو كان النفي متضمّناً للإثبات كدعوى الاعتبار وتبيّن القصور ، انتفى الوجهان الموجبان لترجيح الإثبات ، وتحقّق التعارض.
ولكن أطلق المصنّف تقديم بيّنة الإثبات (١) ، وكذلك الشهيد (٢) رحمهالله.
ويمكن تنزيله على الإطلاق ، كما يظهر من تعليلهم.
وأمّا مع تحقّق التعارض كما مثّلناه فيمكن القول باطّراحهما والرجوع إلى الأصل ، وهو التمام ، أو مراعاة الاحتياط ؛ لاستحالة الترجيح من غير مرجّح.
ولو تعارض البيّنة والشياع ، فإن أفاد الشياع العلمَ ، قُدّم. وإن تاخمه خاصّةً ، ففي ترجيحه احتمال.
ويمكن مساواتهما للبيّنتين.
أمّا خبر الواحد : فإنّهما مقدّمان عليه ولو قلنا بجواز العمل به.
هذا كلّه بالنسبة إلى الخارج عن البيّنتين ، أمّا نفس البيّنتين : فلكلٍ حكمُ ما تعتقده ، فيقصّر المثبت ، ويتمّ النافي.
وفي جواز اقتداء أحدهما بالآخر وجهان : من حكم كلّ منهما بخطإ الآخر ظاهراً ، ومن إمكان بنائهما على وجهٍ لا يتحقّق معه الخطأ.
ورجّح الشهيد في الذكرى جواز الاقتداء (٣). وهو قويّ.
الشرط (الثاني (٤) : القصد إليها) أي : إلى المسافة بأن يربط قصده بمقصد يعلم بلوغه المسافة.
وإنّما اعتبر ذلك ؛ لأنّ الشرط لما كانت المسافة وهي لا تتحقّق إلا بقصدها أو بلوغها ، اعتبر في الحكم بالانتقال عن حكم الأصل في العبادة أحد الأمرين : إمّا قصدها ، أو الوصول إليها (فالهائم) وهو الذي لا يدري أين يتوجّه ، وليس له مقصد خاصّ يبلغ المسافة
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٤ : ٣٧٢ ، ذيل الفرع «أ» ؛ نهاية الإحكام ٢ : ١٧٠.
(٢) البيان : ٢٦٠ ؛ الدروس ١ : ٢٠٩ ؛ الذكرى ٤ : ٣١٢.
(٣) : الذكرى ٤ : ٣١٣.
(٤) في «ق ، م» والطبعة الحجريّة بدل «الثاني» : «ب». والمثبت هو الموافق لبعض نسخ الإرشاد.