نعم ، يتوجّه ذلك في الخروج منها بعد الصلاة تماماً ؛ لصيرورتها الآن في حكم البلد بكلّ وجه ، فالوجهان في حالة الدخول والخروج غير متساويين في القوّة والضعف.
الشرط (الرابع (١) : كون السفر سائغاً) واجباً كان أو ندباً أو مباحاً أو مكروهاً (فلا يترخّص العاصي) بسفره ، وهو مَنْ كان غاية سفره هي المعصية ، كتابع الجائر وقاطع الطريق والباغي والتاجر في المحرّمات والساعي على ضرر بقوم من المسلمين بل المحترمين وإن كانوا كفّاراً ، ومنه العبد المسافر لأجل الإباق ، والزوجة الخارجة لأجل النشوز. أو كانت المعصية جزءاً من الغاية ، كما لو قصد مع ما ذُكر التجارة أو غيرها. وقد عدّ الأصحاب من العاصي بسفره مطلق الآبق والناشز وتارك الجمعة بعد وجوبها ووقوف عرفة كذلك ، والفارّ من الزحف ، ومَنْ سلك طريقاً مخوفاً يغلب معه ظنّ التلف على النفس أو على ماله المجحف.
وإدخال هذه الأفراد يقتضي المنع من ترخّص كلّ تاركٍ للواجب بسفره ؛ لاشتراكهما في العلّة الموجبة لعدم الترخّص ؛ إذ الغاية مباحة ، فإنّه المفروض ، وإنّما عرض العصيان بسبب ترك الواجب ، فلا فرق حينئذٍ بين استلزام سفر التجارة تركَ صلاة الجمعة ونحوها ، وبين استلزامه تركَ غيرها ، كتعلّم العلم الواجب عيناً أو كفايةً ، بل الأمر في هذا الوجوب أقوى ، وهذا يقتضي عدم تحقّق الترخّص إلا لأوحديّ الناس.
لكنّ الموجود من النصوص في ذلك لا يدلّ على إدخال هذا القسم ولا على مطلق العاصي ، وإنّما دلّت على السفر الذي غايته المعصية.
كرواية حماد بن عثمان عن الصادق عليهالسلام : «الباغي والعادي ليس لهما أن يقصّرا الصلاة» (٢).
ورواية زرارة في المتصيّد لهواً وبطراً (٣).
ورواية إسماعيل بن أبي زياد عنه عليهالسلام «سبعة لا يقصّرون وعدّ منهم الرجل يريد
__________________
(١) في «ق ، م» والطبعة الحجريّة : «د». والمثبت هو الموافق لما في بعض نسخ الإرشاد.
(٢) الكافي ٣ : ٤٣٨ / ٧ ؛ التهذيب ٣ : ٢١٧ ٢١٨ / ٥٣٩ ، و ٩ : ٧٨ ٧٩ / ٣٣٤.
(٣) التهذيب ٣ : ٢١٨ / ٥٤٠ ، و ٤ : ٢٢٠ / ٦٤١ ؛ الاستبصار ١ : ٢٣٦ / ٨٤٢.