وغيرها مِن أعمال الدولة. يقول شاعر الموالي شاكياً ممّا ألمّ بهم مِن الظلم :
أبلغ أُميّة عنّي إنْ عرضت لها |
|
وابنَ الزبير وأبلغ ذلك العَرَبا |
إنّ المواليَ أضحتْ وهي عاتبةٌ |
|
على الخليفة تشكوا الجوع والحَرَبا |
وانبرى أحد الخراسانيين إلى عمر بن عبد العزيز يطالبه بالعدل فيهم قائلاً له : يا أمير المؤمنين ، عشرون ألفاً مِن الموالي يغزون بلا عطاء ولا رزق ، ومثلهم قد أسلموا مِن أهل الذمّة يؤدّون الخراج! (١)
وكان الشعبي قاضي عمر بن عبد العزيز قد بغض المسجد حتّى صار أبغض إليه مِن كناسة داره ـ حسب ما يقول ـ ؛ لأنّ الموالي كانت تصلّي فيه (٢) ، وقد اضطر الموالي إلى تأسيس مسجدٍ خاصٍ لهم أسموه (مسجد الموالي) ، كانوا يقيمون الصلاة فيه (٣).
ويميل (خودا بخش) إلى الظنّ أنّهم إنّما اضطروا إلى تأدية صلاتهم فيه بعدما رؤوا تعصّب العرب ضدهم ، وأنّهم لمْ يكونوا يسمحون لهم بالعبادة معهم في مسجد واحد (٤).
وكان الموالي يلطفون بالردّ على العرب ويدعونهم إلى الهدى قائلين : إنّنا لا ننكر تباين الناس ، ولا تفاضلهم ، ولا السيّد منهم والمسود ، والشريف والمشروف ، ولكنّنا نزعم أنّ تفاضل الناس فيما بينهم هو ليس بآبائهم ولا بأحسابهم ، ولكنّه بأفعالهم وأخلاقهم ، وشرف أنفسهم ، وبُعد همّهم ، فمَنْ كان دنيء الهمّة ، ساقط المروءة لمْ يشرف وإنْ كان مِن بني هاشم في ذؤابتها ؛ إنّما الكريم مَنْ كرمت أفعاله ، والشريف مَنْ
__________________
(١) تاريخ الطبري ٨ / ١٣٤ ، الكامل في التاريخ ٥ / ١٩.
(٢) طبقات ابن سعد ٦ / ١٧٥.
(٣) الطبري في أحداث سنة ٢٤٥.
(٤) الحضارة الإسلاميّة ١ / ٤٣.