بالعقوبة إذا جدتم بالمعصية (١).
وخاطب المصريين في خطاب آخر له فقال : يا أهل مصر ، إيّاكم أنْ تكونوا للسيف حصيداً ؛ فإنّ لله ذبيحاً لعثمان. لا تصيروا إلى وحشة الباطل بعد أُنس الحقّ بإحياء الفتنة وإماتة السنن ؛ فأطأكم والله وطأةً لا رمق معها حتّى تنكروا ما كنتم تعرفون (٢).
ومثّلت هذه القطع مِن خطابه مدى أحقاده على الأُمّة وتنكّره لجميع قيمها وأهدافها. ومِن اُولئك الولاة الذين كفروا بالحقّ والعدل خالد القسري ؛ فقد خطب في مكة وهو يهدّد المجتمع بالدمار والفناء ، فقد جاء في خطابه : أيّها الناس ، عليكم بالطاعة ولزوم الجماعة ، وإيّاكم والشبهات ؛ فإنّي والله ما اُوتي لي بأحدٍ يطعن على إمامه إلاّ صلبته في الحرم (٣).
وكانت هذه الظاهرة ماثلة عند جميع حكام الاُمويِّين وولاتهم ، يقول الوليد بن يزيد :
فدعْ عنكَ إدكارك آل سعدى |
|
فنحن الأكثرون حصىً ومالا |
ونحنُ المالكون الناس قسراً |
|
نسومُهُمُ المذلّةَ والنّكالا |
ونوردهُمْ حياضَ الخسف ذلاً |
|
وما نألوهمُ إلاّ خبالا (٤) |
وصوّرت هذه الأبيات مدى استهانته بالأُمّة ، فإنّه مع بقية الحكّام مِن أُسرته قد ملكوا الناس بالغلبة والقوّة ، وإنّهم يسومونهم الذلّ ويوردونهم حياض الخسف. ومِنْ اُولئك الملوك عبد الملك بن مروان ،
__________________
(١) تهذيب الكامل للمبرد ١ / ١٧.
(٢) العقد الفريد ٢ / ١٥٩.
(٣) تاريخ الطبري ٨ / ٨٠.
(٤) حياة الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) ١ / ٣٨٧.