آنية الذهب والفضة ، ويركب البغلات ذوات السروج المحلات بها ـ أي بالذهب ـ وعليها جلال الديباج والوشي ، وكان حينئذ شاباً وعند نزق الصبا ، وآثر الشبيبة وسكر السلطان والإمرة. ونقل الناس عنه في كتب السيرة أنّه كان يشرب الخمر في أيّام عثمان في الشام.
ولا خلاف في أنّه سمع الغناء وطرب عليه ، ووصل عليه أيضاً. وتأثر به ولده يزيد فكان مدمناً خليعاً مستهتراً ، وتأثر بهذا السلوك جميع خلفاء بني أُميّة. يقول الجاحظ : وكان يزيد ـ يعني ابن معاوية ـ لا يمسي إلاّ سكراناً ، ولا يصبح إلاّ مخموراً ، وكان عبد الملك بن مروان يسكر في كلّ شهر مرّة حتّى لا يعقل في السماء هو أو في الماء ، وكان الوليد بن عبد الملك يشرب يوماً ويدع يوماً ، وكان سليمان بن عبد الملك يشرب في كلّ ثلاث ليال ليلة ، وكان هشام يشرب في كلّ جمعة ، وكان يزيد بن الوليد والوليد بن يزيد يدمنان اللهو والشراب ؛ فأمّا يزيد بن الوليد فكان دهره بين حالتي سكر وخمار ، ولا يوجد أبداً إلاّ ومعه إحدى هاتين ، وكان مروان بن محمّد يشرب ليلة الثلاثاء وليلة السبت (١).
وولّى هشام بن عبد الملك الوليد على الحجّ سنة (١١٩ هـ) ، فحمل معه كلاباً في صناديق فسقط منها صندوق وفيه كلب ، وحمل معه قبّة عملها على قدر الكعبة ليضعها عليها ، وحمل معه خمراً ، وأراد أن ينصب القبّة على الكعبة ويجلس فيها ، فخوّفه أصحابه وقالوا له : لا نأمن الناس عليك وعلينا ، فترك (٢).
ووفد علي بن عباس على الوليد بن يزيد في خلافته ، وقد اُتي بابن شراعة مِن الكوفة ، فبادره قائلاً :
والله ، ما بعثت إليك لأسألك عن كتاب الله وسنّة رسوله.
__________________
(١) التاج في أخلاق الملوك / ١٥١.
(٢) تاريخ الطبري ٨ / ٢٨٨.