فدخل مسكين على معاوية ، فلمّا رأى مجلسه حاشداً بالناس رفع عقيرته :
إنْ ادُعَ مسكيناً فإنّي ابنُ معشرٍ |
|
مِن الناس أحمي عنهم وأذودُ |
ألا ليت شعري ما يقول ابنُ عامرٍ |
|
ومروانُ أمْ ماذا يقول سعيدُ |
بني خلفاء اللهِ مهلاً فإنّما |
|
يبوِّئها الرحمنُ حيث يريدُ |
إذا المنبر الغربي خلاّه ربّهُ |
|
فإنّ أميرَ المؤمنين يزيدُ |
على الطائر الميمون والجدّ ساعدٌ |
|
لكلّ اُناس طائرٌ وجدودُ |
فلا زلتَ أعلى الناس كعباً ولمْ تزلْ |
|
وفودٌ تساميها إليك وفودُ |
ولا زال بيتُ المُلْك فوقك عالياً |
|
تُشيَّد أطنابٌ له وعمود (١) |
هؤلاء بعض الشعراء الذين مدحوا يزيد ، وافتعلوا له المآثر لتغطية ما ذيع عنه مِن الدعارة والمجون.
وأنفق معاوية الأموال الطائلة بسخاءٍ للوجوه والأشراف ؛ ليقرّوه على فرض ولده السكّير خليفة على المسلمين. ويقول المؤرّخون : إنّه أعطى عبد الله بن عمر مئة ألف درهم فقبلها منه (٢) ، وكان ابن عمر مِنْ أصلب المدافعين عن بيعة يزيد ، وقد نَقِمَ على الإمام الحسين (عليه السّلام) خروجه عليه ، وسنذكر ذلك بمزيد مِن التفصيل في البحوث الآتية.
__________________
(١) الأغاني ٨ / ٧١.
(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٥٠.