مِنْ يزيد في خلافته ويقتله في كرامته ، وحقّاً لقد وقع ما توقّعه ، فكان لما فعله يزيد وعصبته مِنْ فظيع الأثر في نفوس المسلمين ، وزاد في أضغانهم ما عرضوا به سلالة النّبوة مِنْ هتك خدر النساء ، وهنَّ اللاتي ما عُرِفْنَ إلاّ بالصيانة والطهر والعزّ والمنعة ، ممّا أطلق ألسِنَة الشعراء بالهجاء والذمّ ، ونفر أكثر المسلمين مِنْ خلافة الاُمويِّين ، وأسخط عليهم قلوب المؤمنين ، فقد قتله الحُسين أشدّ مِنْ قتله إيّاه (١).
يقول الدكتور أحمد محمود صبحي : ثمّ رفض ـ يعني الحُسين ـ إلاّ أنْ يصحب أهله ؛ ليشهد الناس على ما يقترفه أعداؤه بما لا يبرّره دين ولا وزاع مِنْ إنسانية ، فلا تضيع قضيته مع دمه المراق في الصحراء فيفترى عليه أشدّ الافتراء حين يعدم الشاهد العادل على كلّ ما جرى بينه وبين أعدائه.
تقول الدكتورة بنت الشاطئ : أفسدت زينت أخت الحُسين على ابن زياد وبني أُميّة لذّة النصر ، وسكبت قطرات مِن السمّ الزعاف في كؤوس الظافرين ، وإنّ كلّ الأحداث السياسية التي ترتّبت بعد ذلك مِنْ خروج المختار وثورة ابن الزّبير ، وسقوط الدولة الاُمويّة وقيام الدولة العباسية ، ثمّ تأصل مذهب الشيعة إنّما كانت زينب هي باعثة ذلك ومثيرته (٢).
أريد أنْ أقول : ماذا يكون الحال لو قُتِلَ الحُسين ومَنْ معه جميعاً مِن الرجال؟ ألا يسجّلَ التاريخ هذه الحادثة الخطيرة مِنْ وجهة نظر أعدائه
__________________
(١) ريحانة الرسول / ١٦٧.
(٢) بطلة كربلاء / ١٧٦ و ١٨٠.