إنّ المواليَ أمستْ وهي عاتبةٌ |
|
على الخليفةِ تشكو الجوع والسَّغبا |
ماذا علينا وماذا كان يرزؤنا |
|
أيّ الملوكِ على مَنْ حولنا غلبا (١) |
وأظهر ابن الزّبير النسك والطاعة والتقشف ؛ تصنّعاً لصيد البسطاء وإغراء السذّج. وقد وصفه الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بقوله : «ينصب حبالة الدين لاصطفاء الدنيا» (٢).
ومِن المؤكد أنّه لمْ يكن يبغي في خروجه على سلطان بني أُميّة وجه الله ؛ وإنّما كان يبغي المُلْك والسلطان ، وقد أدلى بذلك عبد الله بن عمر حينما ألحّت عليه زوجته في مبايعته ، وذكرت له طاعته وتقواه ، فقال لها : أما رأيت بغلات معاوية التي كان يحجّ عليها الشهباء؟ فإنّ ابن الزّبير ما يريد غيرهن (٣).
وعلى أيّ حالٍ ، فإنّ ابن الزّبير لمْ يكن شيء أثقل عليه مِنْ أمر الحُسين ؛ لعلمه بأنّه لا يبايعه أحد مع وجود الحُسين (عليه السّلام) ؛ لأنّه ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فليس على وجه الأرض أحدٌ يساميه ولا يساويه ، كما يقول ابن كثير (٤).
وأكّد ذلك (أوكلي) قال : إنّ ابن الزّبير كان مقتنعاً تماماً بأنّ كلّ جهوده ستضيع عبثاً طالماً بقي الحُسين على قيد الحياة ، ولكن إذا أصابه مكروه فإنّ طريق الخلافة سيكون ممهّداً له.
__________________
(١) مروج الذهب ٣ / ٢٢.
(٢) شرح نهج البلاغة ٧ / ٢٤.
(٣) المختار / ٩٥.
(٤) البداية والنهاية ٨ / ١٥٠ وجاء في وسيلة المال / ١٨٥ ، وقد ثقلت وطأة الحُسين على ابن الزّبير ؛ لأنّ أهل الحجاز لا يبايعونه ما دام الحُسين بالبلد ، ولا يتهيأ له ما يطلب منهم مع وجود الحُسين.