البريء بالسقيم ، والمقبل بالمدبر ، ويقتل على الظنّة والتّهمة ، ممّا أدى إلى إشاعة الكراهية للأمويين.
٢ ـ إنّ الكوفة كانت في عهد الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) عاصمة الدولة الإسلاميّة ، وفي أيام معاوية أصبحت دمشق العاصمة ومركز الحكم ، وأصبح العراق مصراً كسائر الأمصار ، وانتقلت عنه الخزينة المركزية ، وقد أخذ الكوفيون يندبون حظّهم التعيس بعد تحوّل الخلافة عنهم ، وأصبح اسم الإمام عندهم رمزاً إلى دولتهم المفقودة ، وتعلّقت آمالهم بأبناء الإمام فكانوا ينظرون إليهم إنّهم الأبطال لاستقلال بلادهم السياسي وتحررها مِن التبعية لدمشق.
فقد كره أهل العراق الخضوع لأهل الشام ، كما كره أهل الشام الخضوع والسيطرة لأهل العراق ، وقد صوّر شاعر الشام هذه النزعة بقوله :
أرى الشامَ تكره مُلكَ العراقِ |
|
وأهلَ العراقِ لهم كارهونا |
وقالوا عليٌّ إمامٌ لنا |
|
فقلنا رضينا ابنَ هندٍ رضينا |
وصوّر شاعر العراق هذه النزعة السائدة عند العراقيِّين بقوله مخاطباً أهل الشام :
أتاكمْ عليٌّ بأهلِ العراقِ |
|
وأهلِ الحجاز فما تصنعونا |
فإنْ يكره القومُ مُلكَ العراقِ |
|
فقدماً رضينا الذي تكرهونا (١) |
وكانت الثورات المتلاحقة التي قام بها العراق إنّما هي لكراهية أهل الشام والتخلّص مِنْ حكم الاُمويِّين.
٣ ـ إنّ السياسة الخاطئة التي تبعها معاوية مع زعماء الشيعة الذين تبنّوا القضايا المصيرية للشعب العراقي وكافة الشعوب الإسلاميّة ، وما عانوه مِن القتل والتنكيل قد هزّت مشاعر الكوفيِّين ، وأوغرت صدورهم بالحقد
__________________
(١) الأخبار الطوال / ٧٠ طبع ليدن.