في حياته. وقد بنى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) واقع حياته على الحقّ المحض الذي لا التواء فيه ، وتحرّج كأعظم ما يكون التحرّج في سلوكه. فلمْ يرتكب أيّ شيء شذّ عن هدي الإسلام وواقعه ، وهو القائل : قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها حاجز مِنْ تقوى الله. وعلى ضوء هذه السيرة بنى ابن عقيل حياته الفكرية ، وتكاد أنْ تكون هذه السيرة هي المنهاج البارز في سلوك العلويين.
يقول الدكتور محمّد طاهر دروش : كان للهاشميين مجال يحيون فيه ولا يعرفون سواه ، فهم منذ جاهليتهم للرياسة الدينية قد طُبعوا على ما توحي به مِن الإيمان والصراحة والصدق والعفّة والشرف والفضيلة والترفّع ، والخلائق المثالية والمزايا الأديبة والشمائل الدينية والآداب النّبوية (١).
إنّ مسلماً لمْ يقدم على اغتيال عدوّه الماكر ؛ لأنّ «الإيمان قيد الفتك ؛ لا يفتك مؤمن».
وعلّق هبة الدين على هذه الكلمة بقوله : كلمة كبيرة المغزى ، بعيدة المدى ؛ فإنّ آل علي مِنْ قوّة تمسّكهم بالحقّ والصدق نبذوا الغدر والمكر حتّى لدى الضرورة ، واختاروا النصر الآجل بقوّة الحقّ على النصر العاجل بالخديعة. شنشنة فيهم معروفة عن أسلافهم وموروثة في أخلاقهم ، كأنّهم مخلوقون لإقامة حكم العدل والفضيلة في قلوب العرفاء الأصفياء ، وقد حفظ التاريخ لهم الكراسي في القلوب (٢).
ويقول الشيخ أحمد فهمي : فهذا عبيد الله بن زياد ، وهو مَنْ هو في دهائه وشدّة مراسه أمكنت مسلماً الفرصة منه إذ كان بين يديه ، ورأسه قريب المنال منه
__________________
(١) الخطابة في صدر الإسلام ٢ / ١٣.
(٢) نهضة الحسين (عليه السّلام) / ٨٤.