هانئ ؛ ولولا ذلك لنفرت مذحج حينما أخرج هانئ مِن السجن في وضح النهار ونفّذ فيه حكم الإعدام في سوق الحذّائين.
وعلى أيّ حالٍ ، فقد خلدت مذحج للذلّ ورضيت بالهوان ، وانبرى شاعر مجهول أخفى اسمه ؛ حذراً مِنْ نقمة الاُمويِّين وبطشهم فرثى هانئاً وندّد باُسرته ؛ محاولاً بذلك أنْ يثير في نفوسهم روح العصبية القبلية ليثأروا لقتيلهم. يقول :
فإنْ كنتِ لا تدرينَ ما الموتُ فانظري |
|
إلى هانئٍ في السوقِ وابنِ عقيلِ |
إلى بطلٍ قدْ هشّمَ السيفُ وجهَهُ |
|
وآخر يهوي مِنْ طمارِ قتيلِ (١) |
أصابهما أمرُ الأميرِ فأصبحا |
|
أحاديثَ مَنْ يسري بكلّ سبيلِ (٢) |
ترى جسداً قدْ غيّرَ الموتُ لونَهُ |
|
ونضْحَ دمٍ قدْ سالَ كلّ مسيلِ |
فتىً كان أحيا مِنْ فتاةٍ حييّةٍ |
|
وأقطعَ مِن ذي شفرتينِ صقيلِ |
أيركبُ أسماء الهماليج آمناً |
|
وقد طلبَتْهُ مذحجٌ بذحولِ (٣) |
__________________
(١) الطمار : اسم لغرفة شُيّدت فوق قصر الإمارة ، وفي أعلاها قُتِلَ مسلمُ بن عقيل ورُمِيَتْ جثتُه إلى الأرض. وما ذكره ابن أبي الحديد أنّ الطمار هو الجدار فليس بصحيح.
(٢) وفي رواية (أصابهما بغي الأمير).
(٣) الهماليج : جمع هملاج ، وهو نوع من البرذون. والذحول : جمع ذحل الثأر.