«تطلب دم عثمّان!».
ـ نعم.
ـ «قتل الله مَنْ قتل عثمّان».
وأقبل عليه يحدّثه برفق ، قائلاً : «أنشدك الله يا زبير ، هل تعلم أنّك مررت بي وأنت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهو متكئ على يدك ، فسلّم عليّ رسول الله وضحك إليّ ، ثمّ التفت إليك فقال لك : يا زبير ، إنّك تقاتل عليّاً وأنت له ظالم».
وتذكّر الزبير ذلك ، وقد ذهبت نفسه أسىً وحسرات ، وندم أشدّ ما يكون النّدم على موقفه هذا ، والتفت إلى الإمام (عليه السّلام) وهو يصدّق مقالته : اللّهم نعم.
ـ «فعلامَ تقاتلني؟».
ـ نسيتها والله ، ولو ذكرتها ما خرجت إليك ولا قاتلتك (١).
ـ «ارجع».
ـ كيف ارجع وقد التقت حلقتا البطان؟! هذا والله العار الذي لا يُغسل.
ـ «ارجع قبل أنْ تجمع العار والنار».
وألوى عنان فرسه ، وقد ملكت الحيرة والقلق أهابه ، وراح يقول :
فاخترتُ عاراً على نارٍ مؤجّجةٍ |
|
ما إنْ يقوم لها خلقٌ من الطينِ |
نادى عليٌّ بأمرٍ لستُ أجهلُهُ |
|
عارٍ لَعمرُك في الدنيا وفي الدينِ |
فقلتُ حسبُك مِن عذلٍ أبا حسنٍ |
|
فبعض هذا الذي قد قلت يكفيني(٢) |
وقفل الإمام (عليه السّلام) راجعاً إلى أصحابه ، فقالوا له : تبرز إلى زبير حاسراً
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ٧٣.
(٢) مروج الذهب ٢ / ٢٤٧. على أنّ الأبيات وردت على غير هذا النسق ، وما أثبتناه فهو من بعض المصادر الاُخرى. (موقع معهد الإمامين الحَسنَين)