المسلمين غدرة منكرة ، وأكثر شعراء ذلك العصر في هجاء الكوفيين وهجاء الأشعري.
يقول أيمن بن خريم الأسدي :
لو كان للقومِِ رأيٌ يُعصمون به |
|
مِن الضلال رموكُم بابنِ عبّاسِ |
لله درّ أبيه أيُّما رجلٍ |
|
ما مثلُهُ لفصالِ الخطب في الناسِ |
لكنْ رموكُمْ بشيخٍ مِن ذوي يمنٍ |
|
لمْ يدرِ ما ضربُ أخماسٍ لأسداسِ |
إنْ يخلُ عمرو به يقذفْهُ في لُججٍ |
|
يهوي به النّجمُ تيساً بين أتياسِ |
أبلغ لديك علياً غير عاتبهِ |
|
قول امرئٍ لا يرى بالحقِّ من باسِ |
ما الأشعريّ بمأمونٍ أبا حسنٍ |
|
فاعلمْ هُديتَ وليس العَجزُ كالراسِ |
فاصدم بصاحبكَ الأدنى زعيمَهُمُ |
|
إنّ ابن عمّك عباسٍ هو الآسي (١) |
وظفر معاوية بالنصر ، فقد عاد إليه أهل الشام يسلّمون عليه بإمرة المؤمنين ، وأمّا الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقد أغرق جيشه في الفتنة والفرقة والخلاف ، فجعل بعضهم يتبرأ مِنْ بعض ، وقد شاع فيهم الخلاف ، وعرفوا وبال ما جنت أيديهم ، فخطب الإمام الحسن (عليه السّلام) خطاباً مسهباً دعاهم فيه إلى الأُلفة والمودّة ، وكذلك خطب فيهم عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، وقد شجبا في خطابهما التحكيم ، ودعا الناس إلى الطاعة ونبذ الخلاف (٢) ، وقد استجاب لهم بعض الناس ، وأصرّ آخرون على التمرّد والعصيان.
ولمّا انتهى خبر التحكيم إلى الإمام (عليه السّلام) بلغ به الحزن أقصاه ، فجمع الناس وخطبهم خطاباً مؤثّراً ، صعّد فيه آلامه وأحزانه على مخالفة أوامره في إيقاف
__________________
ففاسق فكن ابن أيّهما شئت. جاء ذلك في شرح نهج البلاغة ١٩ / ٣٥٣. ونظر رجل إلى بعض ولد أبي موسى يختال في مشيته ، فقال : ألا ترون مشيته؟! كأن أباه خدع عمرو بن العاص!
(١) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ١ / ٥٢٩.
(٢) أنساب الأشراف ١ / ق ١.