٥٨ ـ ومن كلام له عليه السّلام
كلم به الخوارج (١)
أصابكم حاصب (٢) ، ولا بقى منكم آبر. أبعد إيمانى باللّه وجهادى مع رسول اللّه أشهد على نفسى بالكفر؟ لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين! فأوبوا شرّ مآب ، وارجعوا على أثر الأعقاب ، أما إنّكم ستلقون بعدى ذلاّ شاملا وسيفا قاطعا وأثرة يتّخذها الظّالمون فيكم سنّة (٣) قال الشريف : قوله عليه السّلام «ولا بقى منكم آبر» يروى بالباء والراء من قولهم للذى يأبر النخل ـ أى : يصلحه ـ ويروى «آثر» وهو الذى يأثر الحديث ، أى : يرويه ويحكيه ، وهو أصح الوجوه عندى ، كأنه عليه السّلام قال : لا بقى منكم مخبر. ويروى «آبز» ـ بالزاى المعجمة ـ وهو الواثب. والهالك أيضا يقال له آبز
__________________
(١) زعم الخوارج خطأ الامام فى التحكيم وغلوا فشرطوا فى العودة إلى طاعته أن يعترف بأنه كان قد كفر ثم آمن ، فخاطبهم بكلام منه هذا الكلام
(٢) الحاصب : ريح شديدة تحمل التراب والحصباء ، وقيل : هو ما تناثر من دقاق الثلج والبرد ، وفى التنزيل «إِنّٰا أَرْسَلْنٰا عَلَيْهِمْ حٰاصِباً» والجملة دعاء عليهم بالهلاك
(٣) «أوبوا شر مآب» انقلبوا شر منقلب بضلالكم فى زعمكم ، وارتدوا على أعقابكم بفساد هواكم ، فلن يضرنى ذلك شيئا وأنا على بصيرة فى أمرى. ثم أنذرهم بما سيلاقون من سوء المنقلب والأثرة والاستبداد فيهم ، والاختصاص بفوائد الملك دونهم ، وحرمانهم من كل حق لهم ، وتقول : استأثر بالشىء على غيره ، إذا استبد به ، وخص به نفسه ، والاسم منه الأثرة ـ بفتحات