والمطر قيظا ، وتفيض اللّئام فيضا ، وتغيض الكرام غيضا (١) ، وكان أهل ذلك الزّمان ذئابا ، وسلاطينه سباعا ، وأوساطه أكّالا ، وفقراؤه أمواتا ، وغار الصّدق ، وفاض الكذب ، واستعملت المودّة باللّسان ، وتشاجرت النّاس بالقلوب ، وصار الفسوق نسبا ، والعفاف عجبا ، ولبس الإسلام لبس الفرو مقلوبا.
١٠٧ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
كلّ شىء خاضع له ، وكلّ شىء قائم به : غنى كلّ فقير ، وعزّ كلّ ذليل ، وقوّة كلّ ضعيف ، ومفزع كلّ ملهوف ، ومن تكلّم سمع نطقه ، ومن سكت علم سرّه ، ومن عاش فعليه رزقه ، ومن مات فإليه منقلبه ، لم ترك العيون فتخبر عنك ، بل كنت قبل الواصفين من خلقك ، لم تخلق الخلق لوحشة ، ولا استعملتهم لمنفعة ، ولا يسبقك من طلبت ، ولا يفلتك من أخذت (٢) ولا ينقص سلطانك من عصاك ، ولا يزيد فى ملكك من أطاعك ، ولا يردّ أمرك من سخط قضاءك ، ولا يستغنى عنك من تولّى عن أمرك ، كلّ سرّ عندك علانية ، وكلّ غيب عندك شهادة ، أنت الأبد لا أمد لك ، وأنت المنتهى لا
__________________
(١) تغيض. من «غاض الماء» إذا غار فى الأرض وجفت ينابيعه
(٢) لا يفلتك : لا ينفلت منك (١٤ ـ ن ـ ج ـ ١)