٢٢ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
ألا وإنّ الشّيطان قد ذمر حزبه (١) ، واستجلب جلبه. ليعود الجور إلى أوطانه ، ويرجع الباطل إلى نصابه (٢). واللّه ما أنكروا علىّ منكرا ، ولا جعلوا بينى وبينهم نصفا (٣) ، وإنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه ، ودما هم سفكوه ، فلئن كنت شريكهم فيه فإنّ لهم لنصيبهم منه ، ولئن كانوا ولّوه دونى فما التّبعة إلاّ عندهم ، وإنّ أعظم حجّتهم لعلى أنفسهم! يرتضعون أمّا قد فطمت (٤) ويحيون بدعة قد أميتت ، يا خيبة الدّاعى!! من دعا؟ وإلام أجيب؟ (٥) وإنّى لراض بحجّة اللّه عليهم ، وعلمه فيهم ، فإن أبوا أعطيتهم حدّ السّيف وكفى به شافيا من الباطل ، وناصرا للحقّ ، ومن العجب بعثهم إلىّ أن أبرز للطّعان! وأن أصبر للجلاد ، هبلتهم الهبول (٦) لقد كنت وما أهدّد بالحرب ، ولا
__________________
(١) حثهم : وحضهم من قولهم «ذمر فلانا بكذا» من بابى ضرب ونصر ، إذا أغراه به والجلب ـ بالتحريك ـ ما يجلب من بلد إلى بلد ، وهو فعل بمعنى مفعول مثل سلب بمعنى مسلوب ، وجمع الجلب أجلاب.
(٢) النصاب ـ بكسر النون ـ الأصل ، أو المنبت وأول كل شىء
(٣) النصف ـ بالكسر ـ العدل أو المنصف ، أى : لم يحكموا العدل بينى وبينهم ، أو لم يحكموا عادلا
(٤) إذا فطمت الأم ولدها فقد انقضى إرضاعها وذهب لبنها ، يمثل به طلب الأمر بعد فواته
(٥) من : استفهامية ، وما المحذوفة الألف لدخول إلى عليها كذلك ، وهذا استفهام عن الداعى ودعوته تحقيرا لهما ، والكلام فى أصحاب الجمل. والداعى هو أحد الثلاثة الذين تقدم ذكرهم فى قصة الجمل عند الكلام فى ذم البصرة
(٦) هبلتهم : ثكلتهم ، والهبول ـ بالفتح ـ