إيهان (١) فاتّقوا اللّه عباد اللّه ، وامضوا فى الّذى نهجه لكم ، وقوموا بما عصبه بكم (٢). فعلىّ ضامن لفلجكم آجلا ، إن لم تمنحوه عاجلا (٣)
٢٥ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
وقد تواترت (٤) عليه الأخبار باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد وقدم عليه عاملاه على اليمن ، وهما عبيد اللّه بن عباس وسعيد بن نمران لما غلب عليهما بسر بن أبى أرطاة (٥) فقام عليه السّلام على المنبر ضجرا بتثاقل أصحابه
__________________
(١) الادهان : المنافقة والمصانعة ، ولا تخلو من مخالفة الظاهر للباطن والغش. والايهان : الدخول فى الوهن ، وهو من الليل نحو نصفه وهو هنا عبارة عن التستر والمخاتلة ، وقد يكون مصدر أوهنته بمعنى أضعفته ، أى : لا يعرض على فيه ما يضعفنى. وخابط الغى والغى يخبطه وهو أشد اضطرابا ممن يخبط فى الغى
(٢) عصبه بكم من باب ضرب ربطه بكم أى : كلفكم به ، وألزمكم أداءه. ونهجه لكم : أوضحه وبينه
(٣) لفلجكم ، أى لظفركم وفوزكم
(٤) تواترت عليه الأخبار : مثل ترادفت وتواصلت وتتابعت ، ومن الناس من زعم أن التواتر لا يكون إلا مع فترات بين أوقات الاتيان ، وزعم أن قوله تعالى «ثُمَّ أَرْسَلْنٰا رُسُلَنٰا تَتْرٰا» يدل على ذلك لأنه بين كل نبيين فترة
(٥) يقال بسر بن أبى أرطاة وبسر بن أرطاة ، وهو عامرى من بنى عامر بن لؤى بن غالب ، سيره معاوية إلى الحجاز بعسكر كثيف ، فأراق دماء غزيرة ، واستكره الناس على البيعة لمعاوية. وفر من بين يديه والى المدينة أبو أيوب الأنصارى. ثم وجه واليا على اليمن فتغلب عليها ، وانتزعها من عبيد اللّه بن العباس ، وفر عبيد اللّه ناجيا من شره ، فأتى بسر بيته فوجد له ولدين صبيين فذبحهما ، وباء باثمهما ، قبح اللّه القسوة وما تفعل ، ويروى أنهما ذبحا فى بنى كنانة أخوالهما ، وكان أبوهما تركهما هناك ، وفى ذلك تقول زوجة عبيد اللّه : ـ
يا من أحس بابنى اللذين هما |
|
كالدرتين تشطى عنهما الصدف |
يا من أحس بابنى اللذين هما |
|
قلبى وسمعى ، فقلبى اليوم مختطف |
من ذل والهة حيرى مدلهة |
|
على صبيين ذلا ، إذ غدا السلف |