ولا أدعى ـ مع ذلك ـ أنى أحيط باقطار جميع كلامه عليه السلام (١) حتى لا يشذ عنى منه شاذ ، ولا يند ناد. بل لا أبعد أن يكون القاصر عنى فوق الواقع إلىّ ، والحاصل فى ربقتى دون الخارج من يدى (٢) وما علىّ إلا بذل الجهد ، وبلاغ الوسع ، وعلى اللّه سبحانه وتعالى نهج السبيل (٣) ورشاد الدليل ، إن شاء اللّه. ورأيت من بعد تسمية هذا الكتاب ب «نهج البلاغة» إذ كان يفتح للناظر فيه أبوابها ، ويقرب عليه طلابها ، فيه حاجة العالم والمتعلم ، وبغية البليغ والزاهد. ويمضى فى أثنائه من الكلام فى التوحيد والعدل ، وتنزيه اللّه سبحانه وتعالى عن شبه الخلق ، ما هو بلال كل غلة (٤) وجلاء كل شبهة ومن اللّه سبحانه أستمد التوفيق والعصمة ، وأتنجز التسديد والمعونة ، وأستعيذه من خطأ الجنان ، قبل خطأ اللسان ، ومن زلة الكلام ، قبل زلة القدم وهو حسبى ونعم الوكيل.
باب المختار من خطب أمير المؤمنين عليه السلام وأوامره
. ويدخل فى ذلك المختار من كلامه الجارى مجرى الخطب فى المقامات المحصورة ، والمواقف المذكورة والخطوب الواردة
__________________
(١) أقطار الكلام : جوانبه. والناد. المنفرد.
(٢) الربقة : عروة حبل يجعل فيها رأس البهيمة.
(٣) نهج السبيل : إبانته وإيضاحه.
(٤) الغلة : العطش ، وبلالها : ما تبل به وتروى