١٠٣ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
حتّى بعث اللّه محمّدا ، صلّى اللّه عليه وآله ، شهيدا ، وبشيرا ، ونذيرا ، خير البريّة طفلا ، وأنجبها كهلا ، أطهر المطهّرين شيمة ، وأمطر المستمطرين ديمة (١) فما أحلولت لكم الدّنيا فى لذّتها ، ولا تمكّنتم من رضاع أخلافها (٢) إلاّ من بعد ما صادفتموها جائلا خطامها (٣) قلقا وضينها ، قد صار حرامها عند أقوام بمنزلة السّدر المخضود (٤) ، وحلالها بعيدا غير موجود ، وصادفتموها ، واللّه ، ظلاّ ممدودا إلى أجل معدود ، فالأرض لكم شاغرة (٥) وأيديكم فيها مبسوطة. وأيدى القادة عنكم مكفوفة ، وسيوفكم عليهم مسلّطة وسيوفهم عنكم مقبوضة ، الاّ إنّ لكلّ دم ثائرا (٦) ولكلّ حقّ طالبا ، وإنّ
__________________
(١) الديمة ـ بالكسر ـ المطر يدوم فى سكون ، والمستمطر ـ بفتح الطاء ـ : من يطلب منه المطر ، والمراد هنا النجدة والمعونة. فالنبى أغزر الناس فيضا للخير على طلابه
(٢) جمع خلف ـ بالكسر ـ : وهو حلمة ضرع الناقة
(٣) الخطام ـ ككتاب ـ : ما يوضع فى أنف البعير ليقاد به ، والوضين : بطان عريض منسوج من سيور أو شعر يكون للرحل ، كالحزام للسرج ، وجولان لخطام وقلق الوضين : إما كناية عن الهزال ، وإما كناية عن صعوبة القياد ، فان لخطام الجائل لا يشتد على البعير فيجذبه ، وعن قلق الراكب وعدم اطمئنانه ، لاضطراب رحل بقلق الوضين
(٤) السدر ـ بالكسر ـ : شجر النبق ، والمخضود : المقطوع شوك ، أو متثنى الأغصان من ثقل الحمل ، والتشبيه غاية فى اللذة
(٥) أى : بعد بعثة النبى شغرت لكم الأرض ، أى : لم يبق فيها من يحميها دونكم. يمنعكم عن خيرها
(٦) ثأره فهو ثائر ، أى : طلب بدمه ، وقتل قاتله