وما لا يحصى من أعداد نعمه وإحسانه.
٩٨ ـ من خطبة له أخرى
الحمد للّه النّاشر فى الخلق فضله ، والباسط فيهم بالجود يده. نحمده فى جميع أموره ، ونستعينه على رعاية حقوقه ، ونشهد أن لا إله غيره. وأنّ محمّدا عبده ورسوله : أرسله بأمره صادعا (١) ، وبذكره ناطقا ، فأدّى أمينا ، ومضى رشيدا. وخلّف فينا راية الحقّ : من تقدّمها مرق (٢) ، ومن تخلّف عنها زهق (٣) ، ومن لزمها لحق ، دليلها مكيث الكلام (٤) بطئ القيام ، سريع إذا قام. فإذا أنتم ألنتم له رقابكم ، وأشرتم إليه بأصابعكم ، جاءه الموت فذهب به ، فلبثتم بعده ما شاء اللّه ، حتّى يطلع اللّه لكم من يجمعكم ويضمّ نشركم (٥) فلا تطمعوا فى غير مقبل (٦) ولا تيأسوا من مدبر ، فإنّ المدبر عسى أن تزلّ
__________________
(١) فالقا به جدران الباطل ، فهادمها
(٢) خرج عن الدين ، والذى يتقدم الحق هو من يزيد على ما شرع اللّه أعمالا وعقائد يظنها مزينة للدين ومتممة له ، ويسميها بدعة حسنة
(٣) اضمحل وهلك
(٤) رزين فى قوله : لا يبادر به عن غير روية ، بطىء القيام. لا ينبعث للعمل بالطيش ، وإنما يأخذ له عدة إتمامه ، فاذا أبصر منه وجه الفوز تام فمضى إليه مسرعا وكأنه يصف بذلك حال نفسه كرم اللّه وجهه
(٥) يصل متفرقكم
(٦) الاقبال والادبار فى الجملتين لا يتواردان على جهة واحدة : فالمقبل بمعنى المتوجه إلى الأمر الطالب له الساعى إليه ، والمدبر بمعنى من أدبرت حاله واعترضته الخيبة فى عمله وإن كان لم يزل طالبا