٥٩ ـ وقال عليه السّلام
لما عزم على حرب الخوارج وقيل له : إنهم قد عبروا جسر النهروان
مصارعهم دون النّطفة ، واللّه لا يفلت منهم عشرة (١) ولا يهلك منكم عشرة قال الشريف : يعنى بالنطفة ماء النهر ، وهو أفصح ، كناية وإن كان كثيرا جما ولما قتل الخوارج قيل له : يا أمير المؤمنين ، هلك القوم بأجمعهم!
قال عليه السّلام :
كلاّ واللّه إنّهم نطف فى أصلاب الرّجال وقرارات النّساء (٢) كلّما نجم منهم قرن قطع ، حتّى يكون آخرهم لصوصا سلاّبين
وقال عليه السّلام :
لا تقتلوا الخوارج بعدى ، فليس من طلب الحقّ فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه (يعنى معاوية وأصحابه (٣)
__________________
(١) إنه ما نجا منهم إلا تسعة تفرقوا فى البلاد ، وما قتل من أصحاب أمير المؤمنين إلا ثمانية
(٢) «قرارات النساء» كناية عن الأرحام ، و «كلما نجم منهم قرن» أى : كلما ظهر وطلع منهم رئيس قتل ، حتى ينتهى أمرهم إلى أن يكونوا لصوصا سلابين لا يقومون بملك ، ولا ينتصرون إلى مذهب ، ولا يدعون إلى عقيدة ، شأن الأشرار الصعاليك الجهلة ، ويقال : نجم القرن ـ مثل نصر ـ إذا نبت
(٣) الخوارج من بعده ـ وإن كانوا قد ضلوا بسوء عقيدتهم فيه ، إلا أن ضلتهم لشبهة تمكنت من نفوسهم : فاعتقدوا الخروج عن طاعة الامام مما يوجبه الدين عليهم ، فقد طلبوا حقا وأرادوا تقريره شرعا فأخطأوا الصواب فيه ـ لكنهم بعد أمير المؤمنين يخرجون بزعمهم هذا على من غلب على الامرة بغير حق ، وهم الملوك الذين طلبوا الخلافة باطلا فأدركوها وليسوا من أهلها ، فالخوارج على ما بهم أحسن حالا منهم