لا يزيده إن أمسكه ، ولا ينقصه إن أهلكه (١) ، ومن يقبض يده عن عشيرته فإنّما تقبض منه عنهم يد واحدة ، وتقبض منهم عنه أيد كثيرة ، ومن تلن حاشيته يستدم من قومه المودّة. قال الشريف : أقول : الغفيرة ههنا الزيادة والكثرة ، من قولهم للجمع الكثير : الجم الغفير ، والجماء الغفير. ويروى «عفوة من أهل أو مال» والعفوة الخيار من الشىء ، يقال : أكلت عفوة الطعام ، أى : خياره ، وما أحسن المعنى الذى أراده عليه السّلام بقوله : «ومن يقبض يده عن عشيرته إلى تمام الكلام ، فإنّ الممسك خيره عن عشيرته إنّما يمسك نفع يد واحدة فاذا احتاج إلى نصرتهم واضطرّ إلى مرافدتهم (٢) قعدوا عن نصره ، وتثاقلوا عن صوته فمنع ترافد الأيدى الكثيرة ، وتناهض الأقدام الجمّة.
٢٤ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
ولعمرى ما علىّ من قتال من خالف الحقّ ، وخابط الغىّ ، من إدهان ولا
__________________
وهو فى القرابة أولى وأحق
(١) الخصاصة : الفقر والحاجة الشديدة ، وهى مصدر خص الرجل ـ من باب علم ـ خصاصا ، وخصاصة ، وخصاصاء ـ بفتح الخاء فى الجميع ـ إذا احتاج وافتقر ، قال تعالى : «وَيُؤْثِرُونَ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كٰانَ بِهِمْ خَصٰاصَةٌ» وقال الشاعر : واذا تصبك خصاصة فتحمل ينهى أمير المؤمنين عن إهمال القريب إذا كان فقيرا ، ويحث على سد حاجته بالمال وأنواع المعاونة. فان ما يبذله فى سد حاجة القريب لو لم يصرفه فى هذا السبيل وأمسكه لنفسه لم يزده فى غناه أو فى جاهه شيئا ، ولو بذله لم ينقصه من ذلك كذلك. ومعنى أهلكه : بذله
(٢) المرافدة : المعاونة