المرتابين وعلى كتاب اللّه تعرض الأمثال (١) وبما فى الصّدور تجازى العباد.
٧٤ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
رحم اللّه امرأ سمع حكما فوعى ، ودعى إلى رشاد فدنا (٢) وأخذ بحجزة هاد فنجا (٣) : راقب ربّه ، وخاف ذنبه ، قدّم خالصا ، وعمل صالحا ، اكتسب مذخورا (٤) واجتنب محذورا ، رمى غرضا ، وأحرز عوضا (٥) كابر هواه ، وكذّب مناه ، جعل الصّبر مطيّة نجاته ، والتّقوى عدّة وفاته ، ركب الطّريقة الغرّاء (٦) ، ولزم المحجّة البيضاء ، اغتنم المهل (٧) وبادر الأجل ، وتزوّد
__________________
(١) الأمثال : متشابهات الأعمال والحوادث : تعرض على القرآن فما وافقه فهو الحق المشروع ، وما خالفه فهو الباطل الممنوع ، وهو ـ كرم اللّه وجهه ـ قد جرى على حكم كتاب اللّه فى أعماله ، فليس للغامز عليه أن يشير إليه بمطعن ، ما دام ملتزما لأحكام الكتاب
(٢) الحكم هنا : الحكمة ، قال اللّه تعالى : «وَآتَيْنٰاهُ اَلْحُكْمَ صَبِيًّا» ووعى : حفظ وفهم المراد واعتبر بما سمع وعمل عليه ، ودنا : قرب من الرشاد الذى دعى إليه
(٣) الحجزة ـ بالضم ـ : معقد الازار ، ومن السراويل موضع التكة. والمراد الاقتداء والتمسك ، يقال : أخذ فلان بحجزة فلان ، إذا اعتصم به ، ولجأ إليه
(٤) اكتسب مذخورا : كسب بالعمل الجليل ثوابا يذخره ويعده لوقت حاجته فى الآخرة ، وتقول : ذخر الشىء ـ وزان قطع ـ ذخرا ـ بفتح الذال وسكون الخاء ـ إذا خبأه لوقت يحتاجه فيه ، والذخر ـ بضم فسكون ـ الاسم من ذلك
(٥) رمى غرضا : قصد إلى الحق فأصابه ، وكابر هواه : غالبه. ويروى «كاثر» بالمثلثة ـ أى : غالبه بكثرة أفكاره الصائبة فغلبه
(٦) الغراء : النيرة الواضحة ، والمحجة : جادة الطريق ومعظمه ، والطريقة الغراء والمحجة البيضاء : سبيل الحق ومنهج العدل
(٧) المهل هنا : مدة الحياة مع العافية ، فانه أمهل فيها دون أن يؤخذ بالموت ، أو تحل به بائقة عذاب ، فهو يغتنم ذلك ليعمل فيه لآخرته ، فيبادر الأجل قبل حلوله بما يتزوده من طيب العمل