تلك القضيّة بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه ، ثمّ يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الّذى استقضاهم (١) فيصوّب آراءهم جميعا ، وإلههم واحد! ونبيّهم واحد! وكتابهم واحد! أفأمرهم اللّه تعالى بالاختلاف فأطاعوه؟ أم نهاهم عنه فعصوه؟ أم أنزل اللّه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه؟ أم كانوا شركاءه فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟ أم أنزل اللّه سبحانه دينا تامّا فقصّر الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عن تبليغه وأدائه ، واللّه سبحانه يقول : (مٰا فَرَّطْنٰا فِي اَلْكِتٰابِ مِنْ شَيْءٍ) وقال : (فِيهِ تِبْيَانٌ لِكُلِّ شَىْءٍ) وذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضه بعضا ، وأنّه لا اختلاف فيه فقال سبحانه : (وَلَوْ كٰانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اَللّٰهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلاٰفاً كَثِيراً). وإنّ القرآن ظاهره أنيق (٢) وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ، ولا تكشف الظّلمات إلاّ به.
١٩ ـ ومن كلام له عليه السّلام
قاله للأشعث بن قيس وهو على منبر الكوفة يخطب ، فمضى فى بعض كلامه شىء اعترضه الأشعث فقال : يا أمير المؤمنين هذه عليك لا لك (٣) فخفض عليه السّلام إليه بصره ثم قال : ما يدريك ما علىّ ممّا لى؟ عليك لعنة اللّه ولعنة اللاّعنين ، حائك بن
__________________
(١) الامام الذى استقضاهم : الخليفة الذى ولاهم القضاء
(٢) أنيق : حسن معجب وآنقنى الشىء : أعجبنى
(٣) كان أمير المؤمنين يتكلم فى أمر الحكمين