حائك (١) منافق ابن كافر (٢) واللّه لقد أسرك الكفر مرّة والإسلام أخرى (٣). فما فداك من واحدة منهما مالك ولا حسبك ، وإنّ امرءا دلّ
__________________
فقام رجل من أصحابه وقال : نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها فلم ندر أى الأمرين أرشد؟ فصفق باحدى يديه على الأخرى ، وقال : هذا جزاء من ترك العقدة ، فقال الأشعث ما قال ، وأمير المؤمنين يريد هذا جزاؤكم فيما تركتم الحزم وشغبتم وألجأتمونى لقبول الحكومة
(١) قيل : إن الحائكين أنقص الناس عقلا : وأهل اليمن يعيرون بالحياكة. والأشعث يمنى من كندة. قال خالد بن صفوان فى ذم اليمانيين : ليس فيهم إلا حائك برد ، أو دابغ جلد ، أو سائس قرد ، ملكتهم امرأة وأغرقتهم فأرة ، ودل عليهم هدهد.
(٢) كان الأشعث فى أصحاب على كعبد اللّه بن أبى بن سلول فى أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كل منهما رأس النفاق فى ذمته.
(٣) أسر مرتين : مرة وهو كافر فى بعض حروب الجاهلية ، وذلك أن قبيلة مراد قتلت قيسا الأشج أبا الأشعث فخرج الأشعث طالبا بثار أبيه فخرجت كندة متساندين إلى ثلاثة ألوية على أحدها كبش بن هانىء ، وعلى أحدها القشعم ابن الأرقم ، وعلى أحدها الأشعث فأخطأوا مرادا ووقعوا على بنى الحارث بن كعب فقتل كبش والقشعم وأسر الأشعث ، وفدى بثلاثة آلاف بعير لم يفد بها عربى قبله ولا بعده ، فمعنى قول أمير المؤمنين «فما فداك» لم يمنعك من الأسر. وأما أسر الاسلام له فذلك أن بنى وليعة لما ارتدوا بعد موت النبى صلّى اللّه عليه وسلّم وقاتلهم زياد بن لبيد البياضى الأنصارى لجأوا إلى الأشعث مستنصرين به فقال : لا أنصركم حتى تملكونى ، فتوجوه كما يتوج الملك من قحطان ، فخرج معهم مرتدا يقاتل المسلمين وأمد أبو بكر زيادا بالمهاجر بن أبى أمية فالتقوا بالأشعث فتحصن منهم فحاصروه أياما ثم نزل إليهم على أن يؤمنوه وعشرة من أقاربه حتى يأتى أبا بكر فيرى فيه رأيه ، وفتح لهم الحصن فقتلوا كل من فيه من قوم الأشعث إلا العشرة الذين عزلهم وكان المقتولون ثمانمائة ثم حملوه أسيرا مغلولا إلى أبى بكر فعفا عنه وعمن كان معه وزوجه أخته أم فروة بنت أبى قحافة.