ولأقاتلنّهم مفتونين ، وإنّى لصاحبهم بالأمس ، كما أنا صاحبهم اليوم!
٣٤ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
فى استنفار الناس إلى أهل الشام
أفّ لكم ، لقد سئمت عتابكم!! أرضيتم بالحياة الدّنيا من الآخرة عوضا؟ وبالذّلّ من العزّ خلفا؟ إذا دعوتكم إلى جهاد عدوّكم دارت أعينكم كأنّكم من الموت فى غمرة (١) ، ومن الذّهول فى سكرة ، يرتج عليكم حوارى فتعمهون (٢). فكأنّ قلوبكم مألوسة (٣) فأنتم لا تعقلون ، ما أنتم لى بثقة سجيس اللّيالى (٤) وما أنتم بركن يمال بكم ، ولا زوافر عزّ يفتقر إليكم (٥)
__________________
فيشغلها عن الحق ، ويقوم حجابا مانعا للبصيرة عن الحقيقة ، فكأنه شىء اشتمل على الحق فستره ، وصار الحق فى طيه ، والكلام تمثيل لحال الباطل مع الحق ، وحال الامام فى كشف الباطل وإظهار الحق
(١) دوران الأعين : اضطرابها من الجزع ، ومن غمره الموت يدور بصره ، فانهم يريدون من غمرة الموت الشدة التى تنتهى إليه ، يشير إلى قوله تعالى : «يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ اَلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ اَلْمَوْتِ»
(٢) الحوار ـ بالفتح وربما كسر ـ هو مراجعة الكلام. و «يرتج» بمعنى يغلق ، وتقول : رتج الباب ـ كضرب ـ أى : أغلقه ، أى : لا تهتدون لفهمه ، فتعمهون : مضارع عمه ـ كعلم وقطع ـ أى : تتحيرون وتترددون
(٣) المألوسة : المخلوطة بمس الجنون
(٤) سجيس ـ بفتح فكسر ـ كلمة تقال بمعنى أبدا ، وسجيس : أصله من «سجس الماء» بمعنى تغير وكدر ، وكان أصل الاستعمال ما دامت الليالى بظلامها ، أى : ما دام الليل ليلا. ويقال : سجيس الأوجس ـ بفتح الجيم وضمها ـ و «سجيس عجيس» مصغرا ، كل ذلك بمعنى أبدا أى : أنهم ليسوا بثقاة عنده يركن إليهم أبدا
(٥) الزافرة من البناء : ركنه ، ومن الرجل عشيرته. وقوله «يمال بكم» أى : يمال على العدو بعزكم وقوتكم