لم يعن على نفسه حتّى يكون له منها واعظ وزاجر لم يكن له من غيرها زاجر ولا واعظ (١)
٨٩ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
تعرف بخطبة الأشباح ، وهى من جلائل خطبه عليه السّلام ، وكان سأله سائل أن يصف اللّه حتى كأنه يراه عيانا ، فغضب عليه السّلام لذلك الحمد للّه الّذى لا يفره المنع والجمود (٢) ، ولا يكديه الإعطاء والجود ، إذ كلّ معط منتقص سواه ، وكلّ مانع مذموم ما خلاه ، وهو المنّان بفوائد النّعم ، وعوائد المزيد والقسم ، عياله الخلق : ضمن أرزاقهم ، وقدّر أقواتهم ، ونهج سبيل الرّاغبين إليه ، والطّالبين ما لديه ، وليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل ، الأوّل الّذى لم يكن له قبل فيكون شىء قبله ، والآخر
__________________
(١) «من لم يعن» ـ مبنى للمجهول ـ أى : من لم يساعده اللّه على نفسه حتى يكون لها من وجدانها منبه لم ينفعه تنبيه غيره ، ويجوز أن يكون مبنيا للفاعل ، أى : من لم يعن الزواجر على نفسه ، والتذكير والاعتبار ، لم تؤثر فيه
(٢) لا يفره : لا يزيد ما عنده البخل والجمود ـ وهو أشد البخل ـ و «لا يكديه» أى : لا يفقره ، ولا ينفد خزائنه ، ويقال : كدت الأرض تكدى فهى كادية ، إذا أبطأ نبتها وقل خيرها ، وتقول : أكديت الأرض ، إذا جعلتها كادية ، ويقال : أكدى الرجل ، إذا قل خيره ، وفى التنزيل «وَأَعْطىٰ قَلِيلاً وَأَكْدىٰ»