فى ضواحى كوفان (١). فإذا فغرت فاغرته (٢) واشتدّت شكيمته (٣) وثقلت فى الأرض وطأته ، عضّت الفتنة أبناءها بأنيابها ، وماجت الحرب بأمواجها ، وبدا من الأيّام كلوحها (٤) ومن الليالى كدوحها (٥) فإذا أينع زرعه (٦) وقام على ينعه (٧) وهدرت شقاشقه ، وبرقت بوارقه ، عقدت رايات الفتن المعضلة وأقبلن كالليل المظلم ، والبحر الملتطم ، هذا ، وكم يخرق الكوفة من قاصف (٨) ويمرّ عليها من عاصف ، وعن قليل تلتفّ القرون بالقرون (٩) ويحصد القائم ، ويحطم المحصود
١٠٠ ـ ومن كلام له
يجرى مجرى الخطبة
وذلك يوم يجمع اللّه فيه الأوّلين والآخرين لنقاش الحساب (١٠) وجزاء
__________________
(١) هى الكوفة ، أى : إنه كاد يصل الكوفة حيث إن راياته انتشرت على بعض بلدان من حدودها ، وهو ما أشار إليه بالضواحى
(٢) فغر الفم ـ كمنع ـ انفتح ، وفغرته. فهو لازم ومتعد أى : إذا انفتحت فاغرته ، وهى فمه
(٣) الشكيمة : الحديدة المعترضة فى اللجام فى فم الدابة ، ويعبر بقوتها عن شدة البأس وصعوبة الانقياد
(٤) عبوسها
(٥) جمع كدح ـ بالفتح ـ وهو الخدش ، وأثر الجراحات
(٦) نضج ، وحان قطافه
(٧) حالة نضجه
(٨) هو ما اشتد صوته من الرعد والريح وغيرهما ، والعاصف : ما اشتد من الريح ، والمراد مزعجات الفتن
(٩) يكون الاشتباك بين قواد الفتنة وبين أهل الحق كما تشتبك الكباش بقرونها عند النطاح ، وما بقى من الصلاح قائما يحصد ، وما كان قد حصد يحطم ويهشم ، فلا يبقى إلا شر عام وبلاء تام ، إن لم يقم للحق أنصار
(١٠) نقاش الحساب : الاستقصاء فيه