الأعمال ، خضوعا ، قياما ، قد ألجمهم العرق ، ورجفت بهم الأرض ، فأحسنهم حالا من وجد لقدميه موضعا ، ولنفسه متّسعا ومنه : فتن كقطع الليل المظلم ، ولا تقوم لها قائمة (١) ولا تردّ لها راية ، تأتيكم مزمومة مرحولة ، يحفزها قائدها ، ويجدّها راكبها ، أهلها قوم شديد كلبهم ، قليل سلبهم (٢) ، يجاهدهم فى سبيل اللّه قوم أذلة عند المتكبّرين ، فى الأرض مجهولون ، وفى السّماء معروفون ، فويل لك يا بصرة عند ذلك ، من جيش من نقم اللّه لا رهج له ، ولا حسّ (٣) ، وسيبتلى أهلك بالموت الأحمر ، والجوع الأغبر.
__________________
(١) لا تثب لمعارضتها قائمة خيل ، وقوائم الفرس : رجلاه ، أو أنه لا يتمكن أحد من القيام لها وصدها ، وقوله «مزمومة مرحولة» قادها وزمها وركبها برحلها أقوام زحفوا بها عليكم ، يحفزونها ـ أى : يحثونها ـ ليقروا بها فى دياركم ، وفيكم يحطون الرحال.
(٢) السلب ـ محركة ـ : ما يأخذه القاتل من ثياب المقتول وسلاحه فى الحرب ، أى : ليسوا من أهل الثروة
(٣) الرهج ـ بسكون الهاء ، ويحرك ـ : الغبار ، والحس ـ بفتح الحاء ـ الجلبة والأصواب المختلطة ، قالوا : يشير إلى فتنة صاحب الزنج ، وهو على بن محمد بن عبد الرحيم ، من بنى عبد القيس ، ادعى أنه علوى من ابناء محمد ابن أحمد بن عيسى بن زيد بن على بن الحسين ، وجمع الزنوج الذين كانوا يسكنون السباخ فى نواحى البصرة ، وخرج بهم على المهتدى العباسى ، فى سنة خمس وخمسين ومائتين ، واستفحل أمره ، وانتشرت أصحابه فى أطراف البلاد للسلب والنهب ، وملك أبلة عنوة ، وفتك بأهلها ، واستولى على عبادان والأهواز ، ثم كانت بينه وبين الموفق فى زمن المعتمد حروب انجلى فيها عن الأهواز وسلم عاصمة ملكه ، وكان سماها المختارة