زرع قوم. فاستتروا ببيوتكم ، وأصلحوا ذات بينكم ، والتّوبة من ورائكم ، ولا يحمد حامد إلاّ ربّه ، ولا يلم لائم إلاّ نفسه.
١٧ ـ ومن كلام له عليه السّلام
فى صفة من يتصدى للحكم بين الأمة وليس لذلك بأهل
إنّ أبغض الخلائق إلى اللّه رجلان : رجل وكله اللّه إلى نفسه (١) فهو جائر عن قصد السّبيل ، مشغوف بكلام بدعة ، ودعاء ضلالة ، فهو فتنة لمن افتتن به ، ضالّ عن هدى من كان قبله ، مضلّ لمن اقتدى به فى حياته وبعد وفاته ، حمّال خطايا غيره ، رهن بخطيئته (٢) ، ورجل قمش جهلا (٣) موضع فى جهّال الأمّة (٤) عاد
__________________
(١) وكله اللّه إلى نفسه : تركه ونفسه ، وهو كناية عن ذهابه خلف هواه فيما يعتقد لا يرجع إلى حقيقة من الدين ولا يهتدى بدليل من الكتاب ، فهذا جائر عن قصد السبيل وعادل عن جادته. والمشغوف بشىء : المولع به ، وكلام البدعة : ما اخترعته الأهواء ولم يعتمد على ركن من الحق ركين.
(٢) هذا الضال المولع بتنميق الكلام لتزيين البدعة الداعى إلى الضلالة قد غرر بنفسه وأوردها هلكتها فهو رهن بخطيئته لا مخرج له منها ، وهو مع ذلك حامل لخطايا الذين أضلهم وأفسد عقائدهم بدعائه ، كما قال تعالى : «وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقٰالَهُمْ وَأَثْقٰالاً مَعَ أَثْقٰالِهِمْ»
(٣) قمش جهلا : جمعه ، والجهل هنا بمعنى المجهول ، كما يسمى المعلوم علما. بل قال قوم : إن العلم هو صورة الشىء فى العقل ، وهو المعلوم حقيقة ، كذلك يسمى المجهول جهلا بل الصورة التى اعتبرت مثالا لشىء وليست بمنطبقة عليه هى الجهل حقيقة بالمعنى المقابل للعلم بذلك التفسير السابق. فالجهل المجموع : هو المسائل والقضايا التى يظنها جامعها تحكى واقعا ولا واقع لها
(٤) «موضع فى جهال الأمة» مسرع فيهم بالغش والتغرير : وضع البعير أسرع ،