ابن خالك : عرفتنى بالحجاز وأنكرتنى بالعراق ، فما عدا ممّا بدا (١) قال الشريف : أقول : هو أول من سمعت منه هذه الكلمة ، أعنى «فما عدا مما بدا»
٣٢ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
أيّها النّاس ، إنّا قد أصبحنا فى دهر عنود ، وزمن كنود (٢) يعدّ فيه المحسن مسيئا ، ويزداد الظّالم عتوّا ، لا ننتفع بما علمنا ، ولا نسأل عمّا جهلنا ، ولا نتخوّف قارعة حتّى تحلّ بنا (٣) فالنّاس على أربعة أصناف : منهم من لا يمنعهم الفساد إلا مهانة نفسه ، وكلالة حدّه ، ونضيض وفره (٤) ، ومنهم المصلت لسيفه ، والمعلن بشرّه ، والمجلب بخيله ورجله ، قد أشرط نفسه ، وأوبق دينه ، لحطام ينتهزه ، أو مقنب يقوده ، أو منبر يفرعه (٥). ولبئس
__________________
بالعراق حيث خرج عليه وجمع لقتاله
(١) عداه الأمر : صرفه ، وبدا : ظهر ، و «من» هنا بمعنى عن. نقل ابن قتيبة «حدثنى فلان من فلان» أى : عنه ، و «نهيت من كذا» أى : عنه ، أى : ما الذى صرفك عما كان بدا وظهر منك
(٢) العنود : الجائر من «عند يعند» كنصر ، جار عن الطريق وعدل : والكنود : الكفور ، ويروى «وزمن شديد» أى : بخيل كما فى قوله تعالى «وَإِنَّهُ لِحُبِّ اَلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ» أى : إن الانسان ـ لأجل حبه للمال ـ بخيل. والوصف لأهل الزمن والدهر كما هو ظاهر ، وسوء طباع الناس يحملهم على عد المحسن مسيئا.
(٣) القارعة : الخطب يقرع من ينزل به ، أى : يصيبه
(٤) القسم الأول من يقعد به عن طلب الامارة والسلطان حقارة نفسه ، فلا يجد معينا ينصره ، وكلالة حده ، أى : ضعف سلاحه عن القطع فى أعدائه يقال : كل السيف كلالة ، إذا لم يقطع. والمراد إعوازه من السلاح ، أو لضعفه عن استعماله ونضيض وفره : قلة ماله. وكان مقتضى النسق أن يقول : ونضاضة وفره ، لكنه عدل إلى الوصف تفننا ، والنضيض : القليل ، والوفر : المال
(٥) القسم الثانى الذى