٩٠ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
لما أريد على البيعة بعد قتل عثمان رضى اللّه عنه
دعونى والتمسوا غيرى فإنّا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان ، لا تقوم له القلوب ، ولا تثبت عليه العقول (١) وإنّ الآفاق قد أغامت (٢) ، والمحجّة قد تنكّرت ، واعلموا إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب ، وإن تركتمونى فأنا كأحدكم ولعلّى أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم ، وأنا لكم وزيرا خير لكم منّى أميرا.
٩١ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
أمّا بعد أيّها النّاس ، فأنا فقأت عين الفتنة (٣) ولم تكن ليجرؤ عليها أحد
__________________
(١) لا تصبر له ولا تطيق احتماله
(٢) أغامت : غطيت بالغيم ، والمحجة : الطريق المستقيمة. و «تنكرت» أى : تغيرت علائمها فصارت مجهولة ، وذلك أن الأطماع كانت قد تنبهت فى كثير من الناس ، على عهد عثمان رضى اللّه عنه ، بما نالوا من تفضيلهم بالعطاء ، فلا يسهل عليهم ـ فيما بعد ـ أن يكونوا فى مساواة مع غيرهم ، فلو تناولهم العدل انفلتوا منه ، وطلبوا طائشة الفتنة ، طمعا فى نيل رغباتهم ، وأولئك هم أغلب الرؤساء فى القوم ، فان أقرهم الامام على ما كانوا عليه من الامتياز فقد أتى ظلما ، وخالف شرعا ، والناقمون على عثمان قائمون على المطالبة بالنصفة : إن لم ينالوها تحرشوا للفتنة ، فأين المحجة للوصول إلى الحق على أمن من الفتن؟؟ وقد كان بعد بيعته ما تفرس به قبلها
(٣) شققتها وقلعتها : تمثيل لتغلبه عليها ، وذلك كان بعد انقضاء أمر النهروان وتغلبه على الخوارج