غيرى بعد أن ماج غيهبها (١) واشتدّ كلبها (٢) فاسألونى قبل أن تفقدونى ، فو الّذى نفسى بيده لا تسألونى عن شىء فيما بينكم وبين السّاعة ، ولا عن فئة تهدى مائة وتضلّ مائة إلاّ أنبأتكم بناعقها (٣) وقائدها ، وسائقها ، ومناخ ركابها ، ومحطّ رحالها ، ومن يقتل من أهلها قتلا ، ويموت منهم موتا ، ولو قد فقدتمونى ونزلت بكم كرائه الأمور (٤) وحوازب الخطوب (٥) لأطرق كثير من السّائلين ، وفشل كثير من المسئولين ، وذلك إذا قلصت حربكم (٦) وشمّرت عن ساق ، وضاقت الدّنيا عليكم ضيقا تستطيلون معه أيّام البلاء عليكم حتّى يفتح اللّه لبقيّة الأبرار منكم ، إنّ الفتن إذا أقبلت شبّهت (٧) وإذا أدبرت نبّهت (٨) : ينكرن مقبلات ، ويعرفن مدبرات ، يحمن حول الرّياح يصبن بلدا ويخطئن بلدا ، ألا إنّ أخوف الفتن عندى عليكم فتنة بنى أميّة ، فإنّها
__________________
(١) الغيهب : الظلمة ، وموجها : شمولها وامتدادها
(٢) الكلب ـ محركة ـ داء معروف يصيب الكلاب ، فكل من عضته أصيب به فجن ومات ، شبه به اشتداد الفتنة حتى لا تصيب أحدا إلا أهلكته
(٣) ناعقها : الداعى إليها ، مأخوذ من «نعق بغنمه» : إذا صاح بها لتجتمع
(٤) الكرائه : جمع كريهة
(٥) الحوازب : جمع حازب ، وهو الأمر الشديد ، تقول : «حزبه الأمر» إذا اشتد عليه
(٦) قلصت ـ بتشديد اللام ـ تمادت ، واستمرت ، وبتخفيفها : وثبت
(٧) اشتبه فيها الحق بالباطل.
(٨) لأنها تعرف بعد انقضائها ، وتكشف حقيقتها فتكون عبرة