فتنة عمياء مظلمة : عمّت خطّتها (١) وخصّت بليّتها ، وأصاب البلاء من أبصر فيها (٢) وأخطأ البلاء من عمى عنها ، وايم اللّه لتجدنّ بنى أميّة لكم أرباب سوء بعدى كالنّاب الضّروس (٣) : تعذم بفيها ، وتخبط بيدها ، وتزبن برجلها ، وتمنع درّها ، لا يزالون بكم حتّى لا يتركوا منكم إلاّ نافعا لهم أو غير ضائر بهم ، ولا يزال بلاؤهم حتّى لا يكون انتصار أحدكم منهم إلاّ كانتصار العبد من ربّه والصّاحب من مستصحبه (٤) ترد عليكم فتنتهم شوهاء مخشيّة (٥) وقطعا جاهليّة ليس فيها منار هدى ، ولا علم يرى (٦) نحن أهل البيت منها بمنجاة (٧) ولسنا فيها بدعاة ، ثمّ يفرّجها اللّه عنكم كتفريج الأديم (٨) : بمن يسومهم خسفا (٩) ويسوقهم عنفا ، ويسقيهم بكأس مصبّرة (١٠) لا يعطيهم إلاّ السّيف ، ولا يحلسهم إلاّ الخوف (١١) ، فعند ذلك تودّ قريش ، بالدّنيا وما فيها ، لو يروننى مقاما
__________________
(١) الخطة ـ بالضم ـ الأمر ، أى : شمل أمرها ، لأنها رآسة عامة ، وخصت بليتها آل البيت ، لأنها اغتصاب لحقهم
(٢) من عرف الحق فيها نزل به بلاء الانتقام من بنى أمية
(٣) الناب : الناقة المسنة ، والضروس : السيئة الخلق تعض حالبها ، وتعذم : من «عذم الفرس» إذا أكل بخفاء أو عض ، و «تزبن» أى : تضرب ، ودرها : لبنها ، والمراد خيرها
(٤) التابع من متبوعه ، أى : انتصار الأذلاء ، وما هو بانتصار
(٥) شوهاء : قبيحة المنظر ، ومخشية : مخوفة مرعبة
(٦) دليل يهتدى به
(٧) بمكان النجاة من إثمها
(٨) كما يسلخ الجلد عن اللحم
(٩) يلزمهم ذلا ، وقوله «بمن» متعلق بيفرجها
(١٠) مملوءة إلى أصبارها ، جمع صبر ـ بالضم ، والكسر ـ بمعنى الحرف ، أى : إلى رأسها
(١١) من «أحلس البعير» إذا ألبسه الحلس ـ بكسر الحاء المهملة ـ وهو : كساء يوضع فوق ظهره تحت البرذعة ، أى : لا يكسوهم إلا خوفا