ولن يعيدوكم فى ردى. فإن لبدوا فالبدوا (١) ، وإن نهضوا فانهضوا ، ولا تسبقوهم فتضلّوا ، ولا تتأخّروا عنهم فتهلكوا ، لقد رأيت أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه وآله ، فما أرى أحدا منكم يشبههم! لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا (٢) وقد باتوا سجّدا وقياما ، يراوحون بين جباههم وخدودهم (٣) ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم! كأنّ بين أعينهم ركب المعزى (٤) من طول سجودهم! إذا ذكر اللّه هملت أعينهم حتّى تبلّ جيوبهم ، ومادوا كما يميد الشّجر يوم الرّيح العاصف ، خوفا (٥) من العقاب ، ورجاء للثّواب.
٩٦ ـ ومن كلام له عليه السّلام
واللّه لا يزالون حتّى لا يدعوا للّه محرّما إلاّ استحلّوه (٦) ولا عقدا إلاّ حلّوه
__________________
(١) لبد ـ كنصر ـ أقام ، أى : إن أقاموا فأقيموا
(٢) شعثا : جمع أشعث ، وهو المغبر الرأس ، والغبر : جمع أغبر ، والمراد أنهم كانوا متقشفين
(٣) المراوحة بين العملين : أن يعمل هذا مرة وهذا مرة ، وبين الرجلين : أن يقوم على كل منهما مرة ، وبين جباههم وخدودهم : أن يضعوا الخدود مرة والجباه أخرى على الأرض ، خضوعا للّه وسجودا
(٤) ركب : جمع ركبة ، وهى موصل الساق من الرجل بالفخذ ، وإنما خص ركب المعزى ليبوستها واضطرابها من كثرة الحركة ، أى : إنهم لطول سجودهم يطول سهودهم ، وكان بين أعينهم جسم خشن يدور فيها فيمنعهم النوم والاستراحة
(٥) مادوا : اضطربوا ، وارتعدوا
(٦) الكلام فى بنى أمية ، والمحرم : ما حرمه اللّه ، واستحلاله : استباحته