وأسرع خفوفا (١) لأنه لا ماء فيه. وإنما يكون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء ، وذلك لا يكون فى الأكثر إلا زمان الشتاء ، وإنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دعوا ، والإغاثة إذا استغيثوا ، والدليل على ذلك قوله هنالك لو دعوت أتاك منهم
٢٦ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
إنّ اللّه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه وسلّم وآله نذيرا للعالمين ، وأمينا على التّنزيل ، وأنتم معشر العرب على شرّ دين ، وفى شرّ دار ، منيخون بين حجارة خشن ، وحيّات صمّ (٢) تشربون الكدر ، وتأكلون الجشب (٣) ، وتسفكون دماءكم ، وتقطعون أرحامكم ، الأصنام فيكم منصوبة ، والآثام بكم معصوبة (٤) ومنها. فنظرت فإذا ليس لى معين إلاّ أهل بيتى فضننت بهم عن الموت ، وأغضيت عن القذى ، وشربت على الشّجى ، وصبرت على أخذ
__________________
(١) مصدر غريب لخف بمعنى انتقل وارتحل مسرعا ، والمصدر المعروف خفا
(٢) الخشن : جمع خشناء من الخشونة ، ووصف الحيات بالصم لأنها أخبثها إذ لا تنزجر ، وبادية الحجاز وأرض العرب يغلب عليها القفر والغلظ ، فأكثر أراضيها حجارة خشنة ، غليظة ، ثم إنه يكثر فيها الأفاعى والحيات ، فأبدلهم اللّه منها الريف ولين المهاد من أرض العراق والشام ومصر وما شابهها
(٣) الجشب : الطعام الغليظ ، أو ما يكون منه بغير أدم
(٤) معصوبة : مشدودة تمثيل للزومها لهم وقد جمع فى وصف حالهم بين فساد المعيشة وفساد العقيدة والملة