٣٧ ـ ومن كلام له عليه السّلام
(يجرى مجرى الخطبة (١))
فقمت بالأمر حين فشلوا ، وتطلّعت حين تقبّعوا (٢) ونطقت حين تمنّعوا ومضيت بنور اللّه حين وقفوا. وكنت أخفضهم صوتا (٣) وأعلاهم فوتا (٤) فطرت بعنانها ، واستبددت برهانها (٥) كالجبل لا تحرّكه القواصف ، ولا
__________________
(١) هذا الكلام ساقه الرضى كأنه قطعة واحدة لغرض واحد ، وليس كذلك ، بل هو قطع غير متجاورة ، كل قطعة منها فى معنى غير ما للأخرى ، وهو أربعة فصول الأول من قوله : فقمت بالأمر إلى قوله : واستبددت برهانها ، والفصل الثانى من قوله : كالجبل لا تحركه القواصف إلى قوله : حتى أخذ الحق منه. والفصل الثالث من قوله : رضينا من اللّه قضاءه ، إلى قوله : فلا أكون أول من كذب عليه. والفصل الرابع ما بقى
(٢) يصف حاله فى خلافة عثمان رضى اللّه عنه ، ومقاماته فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أيام الأحداث ، أى : أنه قام بانكار المنكر حين فشل القوم ، أى : حين جبنهم وخورهم ، والتقبع : الاختباء ، والتطلع : ضده ، ويقال : امرأة طلعة قبعة : تطلع ثم تقبع رأسها ، أى : تدخله كما يقبع القنفذ ، أى : يدخل رأسه فى جلده وقبع الرجل : أدخل رأسه فى قميصه. أى : أنه ظهر فى إعزاز الحق والتنبيه على مواقع الصواب حين كان يختبئ القوم من الرهبة ، ويقال : «تقبع فلان فى كلامه» إذا تردد من عى أو حصر ، فقد كان ينطق بالحق ويستقيم به لسانه ، والقوم يترددون ولا يبينون
(٣) كناية عن ثبات الجأش ، فان رفع الصوت عند المخاوف إنما هو من الجزع ، وقد يكون كناية عن التواضع أيضا
(٤) الفوت : السبق
(٥) هذا الضمير وسابقه يعودان إلى الفضيلة المعلومة من الكلام : فضيلة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وهو يمثل حاله مع القوم بحال خيل الحلبة ، والعنان للفرس معروف ، وطار به : سبق به. والرهان : الجعل