حدودها (١) ، ولاءم بقدرته بين متضادّها ، ووصل أسباب قرائنها (٢) وفرّقها أجناسا مختلفات فى الحدود والأقدار والغرائز والهيئات (٣) بدايا خلائق أحكم صنعها (٤) وفطرها على ما أراد وابتدعها.
منها فى صفة السماء :
ونظم بلا تعليق رهوات فرجها (٥) ، ولاحم صدوع انفراجها (٦) ، ووشّج بينها وبين أزواجها (٧). وذلّل للهابطين بأمره ، والصّاعدين بأعمال
__________________
(١) نهج : عين ورسم
(٢) قرائنها : جمع قرينة ، وهى : النفس ، أى : وصل حبال النفوس ـ وهى من عالم النور ـ بالأبدان ، وهى من عالم الظلمة
(٣) الغرائز : الطبائع
(٤) بدايا : جمع بدىء ، أى : مصنوع
(٥) رهوات : جمع رهوة ، أى : المكان المرتفع. ويقال للمنخفض أيضا ، فهو من الأضداد ، والفرج : جمع فرجة ـ بضم فسكون ـ وهى المكان الخالى ، يقول : قد فرج اللّه ما بين جرم وآخر من الأجرام السماوية ، ونظمها على ذلك سماء ، بدون تعليق إحداها بالأخرى ، وربطها بها بآلة حسية
(٦) لاحم أى : ألصق ، والصدوع : جمع صدع ، وهو الشق ، أى : ما كان فى الجرم الواحد منها من صدع لحمه سبحانه ، وأصلحه فسواه ، وذلك كما كان فى بدء خلقه الأرض ، وانفصالها عن الأجرام السماوية ، وانفراج الأجرام عنها ، فما تصدع بذلك أصلحه اللّه : «أَوَلَمْ يَرَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَاَلْأَرْضَ كٰانَتٰا رَتْقاً فَفَتَقْنٰاهُمٰا»
(٧) «وشج» بالتضعيف ـ أى : شبك من «وشج حمله» إذا شبكه بالأربطة حتى لا يسقط منه شىء ، وتقول «وشجت الغصون» بالتخفيف ـ أى : اشتبكت ، وتقول : «بيننا رحم واشجة» أى : مشتبكة ، أى : أنه سبحانه شبك بين كل سماء وأجرامها ، وبين أزواجها ـ أى : أمثالها وقرنائها ـ من الأجرام الأخرى ، فى الطبقات العليا والسفلى عنها ، بالروابط الماسكة المعنوية العامة ، وهى من أعظم المظاهر لقدرته